زادت مؤخرًا حركة الهجمات الإسرائيلية على سوريا ضد أهداف يتوقع أنها إيرانية. نحن نعلم أنه ثمة تواجد إيراني عسكري ولوجستي في سوريا على خلفية تحالف سوري إيراني ضد المعارضة للنظام. إيران ليست الدولة الوحيدة الموجودة عسكريا ولوجستيا وأمنيا في سوريا، فثمة وجود أوسع للقوات الروسية، ولكن (إسرائيل) لا تهاجم الوجود الروسي وربما لا تشعر بقلق كبير من وجوده في الأراضي السورية، ولكنها تشعر بقلق كبير من الوجود الإيراني، لذا هي تريد تدفيع إيران ثمن وجودها قبل أن يستفحل هذا الوجود.
الهجمات الإسرائيلية المتكررة تراها حكومة نتنياهو أنها الأداة الأفضل للحفاظ على الجبهة الشمالية بلا تهديدات كبيرة، لذا قررت الحكومة مواصلة هذه الهجمات بوجود ترامب في البيت الأبيض، ودون وجود ترامب فيه، بل هي تريد بها أن تحدث تطبيعا نفسيا وسياسيا لدى بايدن يقوم على تقبل هذه الهجمات عند توليه الرئاسة في البيت الأبيض ومنع انزلاقه لإدانتها. (إسرائيل) تقول لبايدن إن الهجمات دفاعية، وكانت قبلك، وستستمر في ظل وجودك في البيت الأبيض، فوطن نفسك على تقبل ما يحدث، وتفهمه في ضوء نظرية أمن (إسرائيل). وتقول له أنت ذاهب لإيران للعودة إلى اتفاق الملف النووي، وهذا الذهاب مرفوض من تل أبيب، ومن دول الخليج العربي، وهذه العودة غير الحميدة لن تمنعنا من مواصلة هجماتنا في سوريا حتى تخرج إيران من هناك.
وفي المقابل نرى أيدي إيران مكبلة بقيود ذاتية، وأخرى خارجية، فهي تنتظر رحيل ترامب وتسلم بايدن وبدء المفاوضات للعودة للاتفاق النووي، وهي تخشى من حركة البيت الأبيض فيما تبقى من أيام ترامب، وهي في الوقت نفسه لا تملك القوة الكافية للرد المباشر على الهجمات الإسرائيلية داخل سوريا، بل هي لا تعلن عن خسائرها الحقيقية، وتخشى أن يصعّد ردها فرص حرب واسعة تسعى إليها حكومة نتنياهو.
إيران في موقف لا تحسد عليه، فهي من ناحية إعلامية تدعي الثورة وامتلاك القوة، وتؤكد حقها في الانتقام والرد، ولكنها في الميدان تتراجع ولا تفعل شيئا مهما، وتخضع لما تفرضه (إسرائيل) وأميركا في الميدان. ولم تتمكن من الثأر لسليماني ولا لمحسن زادة.
حكومة نتنياهو ربما كانت تخشى من ردود على هجماتها في سوريا يقوم بها حزب الله، أو الحوثي، أكثر مما تخشاه من فعل إيراني مباشر، لذا هي تواصل رفع حالة التأهب في صفوف قواتها ذات الصلة. أما الدولة السورية فهي الغائب الأول، والمتضرر الرئيس من الهجمات الصهيونية، وبالطبع لا يتدخل الروس في حسابات (إسرائيل) وإيران، ولكن لماذا؟ الإجابة لكم.