مع بدء العام الجديد، نشرت وزارة الاستيعاب الإسرائيلية معطياتها عن الهجرة اليهودية للعام المنصرم (2020م)، وجاءت هذه المرة مفاجئة وصادمة للأوساط الإسرائيلية، لأنها أظهرت أن ثلثهم من اليهود فقط، ما يعني تقلص الأغلبية اليهودية في دولة الاحتلال، في ضوء العدد الهائل من غير اليهود الذين يستقدمون إليها.
صحيح أن الخلافات الإسرائيلية الداخلية لم تتوقف في العديد من القضايا: اليمين مقابل اليسار، والرأسماليون ضد الاشتراكيين، والمحافظون أمام الليبراليين، لكنَّ موضوعًا واحدًا وحدهم دائمًا، وهو ضرورة الحفاظ على الأغلبية اليهودية في (إسرائيل)، وهو أمر بات موضع تشكيك وتساؤل.
شكل انقضاء السنة الأخيرة (2020م) مناسبة لأن ينشر المكتب المركزي للإحصاء الإسرائيلي سلسلة من البيانات التي حدثت في الأشهر الـ(12) الماضية على الإسرائيليين، ومنها ميزان الهجرة الدولي الذي يحسب الفرق بين عدد الأشخاص الذين يدخلون (إسرائيل) ويغادرونها، ويكشف تحليل هذه البيانات عن صورة مهتزة، إذ بلغ رصيد الهجرة الإيجابي إلى (إسرائيل) 24,344 ألفًا.
يشير هذا الرقم إلى أن عدد من انضموا إليها أكبر ممن غادروها، لكن إجراء مزيد من الفحوصات يكشف أن ثلثهم فقط (8,224) من اليهود، أما الثلثان الآخران فهناك 2506 من الفلسطينيين، الذين انضموا جزءًا من إجراءات لم شمل الأسرة، و13,614 يعرفون بأنهم آخرون، ومنهم المسيحيون من غير العرب، ومن صنفوا في سجل السكان أنهم دون دين.
تشمل هذه المجموعة المهاجرين لـ(إسرائيل) من غير اليهود بموجب قانون العودة، وحقيقة أن نسبة اليهود فيها انخفضت لأقل من 74% في 2020م، يعني أننا نتحرك في اتجاه واضح جدًّا، والملاحظة المهمة أن النماذج على ذلك كثيرة، ومنها من هاجروا من روسيا، مع أنهم ليسوا يهودًا، لكن أجدادهم كذلك، وهناك من جاءوا من المدن الفلسطينية بعد زواجهم بمواطنات عربيات من داخل (إسرائيل).
لم يكن عام 2020م استثنائيًّا، بل شكل نقطة أخرى في هذه السلسلة التي تفيد تراجع الطابع اليهودي لـ(إسرائيل)، لأنه منذ عام 2017م انخفضت نسبة اليهود من المهاجرين إلى 52%، وفي 2019م وصلت النسبة إلى 40%، وفي 2010م انخفضت نسبتهم إلى 33%، مع أن هذه التراجعات الجارية في دولة يهودية كان يجب أن تؤدي إلى عقد مؤتمر خاص للكنيست، ومائدة مستديرة مع الرئيس، لكن ذلك لم يحصل.
الاتجاه السلبي واضح، لأننا أمام 15- 20 ألفًا من المهاجرين من غير اليهود في كل عام، وهذه كتلة كبيرة تأتي إلى "إسرائيل" تدريجًا، وهذا أمر خطير يستحق التوقف، ويدفع الإسرائيليين لسؤال أنفسهم: هل هناك فائدة من الاستمرار بتشجيع هذه الهجرات؟