فلسطين أون لاين

تقرير الشهيد "صلاح الدين".. دخل سجون الاحتلال صحيحًا وخرج مصابًا بالسرطان!

...
الشهيد المحرَّر محمد صلاح الدين (أرشيف)
القدس المحتلة- غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

"الإهمال الطبي" سياسة إسرائيلية يعانيها الأسرى في سجون الاحتلال، فغالبية المحرَّرين تستمر معاناتهم مع الأمراض التي فتكت بأجسادهم في أثناء الاعتقال وكثيرٌ استشهدوا لاحقًا بسببها، وكان آخرهم الشهيد المحرَّر محمد صلاح الدين.

واستشهد صلاح الدين من بلدة حزما شمال شرقي القدس المحتلة، مساء أول من أمس، بعد صراع مع مرض السرطان الذي أُصيب به في سجون الاحتلال.

إهمال متعمد

يبين رشدي صلاح الدين أن شقيقه (20 عامًا) اعتُقل مرتين، الأولى: حينما كان في الصف التاسع لمدة شهرين، والثانية: في عام 2018.

وأشار إلى أن شقيقه أصيب في قدمه في أثناء مواجهات بين الشبان الفلسطينيين وجنود جيش الاحتلال في بلدته "حزما" قبيل اعتقاله بشهريْن.

وحكم الاحتلال على الشهيد صلاح الدين بالاعتقال لمدة عامَيْن، يقول رشدي: "بعد عشرة شهور من اعتقاله أخذ وزنه ينخفض فجأة (فقد عشرين كيلوجرامًا من الوزن) وتتشكل بعض الكتل على يديه".

وأضاف: "ظل الاحتلال قرابة خمسة أشهر يرفض عرضه للكشف الصحي، متهمًا إياه بادعاء المرض والتمثيل، ومحمد يعاني معاناة شديدة".

وأوضح أنه وبعد تفاقُم حالته الصحية نُقِل إلى المشفى حيث تبين أنه مصاب بـ"سرطان العظم" المنتشر في جسده بشكل كبير، وبعد إعلان إصابته بالمرض ظلَّ ذووه دون أي معلومة عنه فلم يسمح الاحتلال للمحامي ولا لوزارة الأسرى والصليب الأحمر بزيارته بالمشفى.

وتمكَّن المحامي من زيارته في مشفى "الرملة" حيث كان في وضع صحي صعب، وطالبت العائلة عبر المحامي بالإفراج عنه حتى استجاب الاحتلال لمطالبهم في شهر أغسطس 2019.

يقول رشدي: أفرجوا عنه بعد أن تأكدوا أنه لا يوجد له علاج حسب التقارير الطبية المرفقة معه فالمرض قد تفشَّى في جسده".

وأضاف: "الاحتلال هو المسؤول عما حصل مع شقيقي بسبب إهمال علاجه حتى تفشَّى المرض في جسده، كما أن محمد كان يخبرنا عن العذاب الذي كان يعيشه في مشفى الرملة التي يصفها الأسرى بـ"المقبرة".

وتابع رشدي: "كان الأسرى يعدُّون أن من يُنقل للرملة ذاهب للموت لا إلى العلاج حيث يذوقون فيه أصناف العذاب".

وبعد أن خرج محمد من السجن ظلَّ محمد يصارع المرض الذي أقعده عن الحركة في الشهر الأخير قبيل استشهاده.

وشيَّع أهل حزما الشهيد صلاح الدين في جنازة عسكرية مهيبة انطلقت من مستشفى رام الله العسكري لتنتهي بذلك حياة محرَّر حرمه الاحتلال الحقَّ في الحياة وبناء مستقبله حيث كان يحلم بإنشاء منجرته الخاصة.

الناطقة باسم مركز أسرى فلسطين للدراسات أمينة الطويل بيَّنت أن سياسة الإهمال الطبي في سجون الاحتلال لا تتوقف تبعاتها على الأسرى داخلها بل ترافقهم حتى بعد التحرر.

وقالت الطويل لصحيفة "فلسطين": "الاحتلال لا يوفِّر للأسرى متابعة طبية أو العلاجات اللازمة ما يتسبب في تفاقم المرض لديهم، وقد تصل بهم لمرحلة اليأس علاجيًّا، فلا تعود العلاجات الطبية تفي بالغرض بعد خروجهم من السجن".

وتابعت: "يصل الكثير من المحرَّرين لمرحلة صعبة جدًا من المرض ويكونون في ظرف صحي مزرٍ جدًا لا يمكن التعافي بعدها"، مشيرةً إلى أن 90% من المحرَّرين يخرجون مرضى بأمراض تتراوح من خفيفة لصعبة.

قتل الأسرى ببطء

بدورها نعت لجنة الأسرى للقوى الوطنية والاسلامية واللجنة الوطنية لأهالي الأسرى في قطاع غزة المحرَّر الشهيد محمد صلاح الدين.

وقالت اللجنة في بيان أمس: "الشهيد صلاح الدين يُضاف إلى قائمة المحرَّرين الذين استشهدوا بعد الإفراج عنهم في إثر إصابتهم بالأمراض الخطِرة الناتجة عن سياسات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة في قتْل الأسرى ببطء، وعلى رأسها جريمة الإهمال الطبي المتعمد".

وطالبت اللجنة منظمة الصحة العالمية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والمجتمع الدولي والإنساني بالوقوف أمام مسؤولياتهم وواجباتهم في توفير الحماية والرعاية الطبية للأسرى، وتسيير لجان دولية للاطلاع على أوضاع الأسرى، خاصة مع تفشي فايروس كورونا الذي يتهدد حياتهم.

بدورها، حمَّلت حركة الأحرار الاحتلالَ المسؤولية الكاملة عن استشهاد المُحرَّر صلاح الدين نتيجة الإهمال الطبي.

وقالت الحركة في بيان أمس: "جرائم الاحتلال لا تسقط بالتقادم، وشعبنا لن يغفر، وارتقاء المحرَّر محمد صلاح الدين الذي تعرَّض للإهمال الطبي رغم مرضه الخطِر جريمةٌ وملف جاهز يجب أن يُقدم للمحاكم الجنائية لملاحقة ومحاسبة ومحاكمة قادة الإجرام الصهيوني عليها".