يتساءل الجميع عن تأخير الرئيس عباس إصدار المرسوم الداعي لإجراء الانتخابات، بعد موافقة حركة حماس الخطية على إجرائها متتالية خلال ستة أشهر بالتمثيل النسبي الكامل، بناء على رغبة حركة فتح، ما يتناقض مع الاتفاقات السابقة بين الحركتين، التي نصت صراحة على إجراء انتخابات متزامنة للمجلس الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير، والرئاسة الفلسطينية، والمجلس التشريعي.
تأتي هذه المرونة من حركة حماس لتأكيد نياتها الصادقة لإنهاء ملف الانقسام وتجديد الشرعيات المنتهية لهذه الأجسام، إذ أصبح من غير المقبول الاستمرار على هذه الحالة التي أضرت بالقضية الفلسطينية إضرارًا غير مسبوق، وأدت إلى تراجع التأييد والدعم للفلسطينيين، كما شهدنا هرولة بعض الأنظمة العربية نحو التطبيع مع دولة الاحتلال، وإدارة ظهورهم لحقوق الفلسطينيين، في سابقة خطيرة لم نعهدها منذ بداية الصراع على أرض فلسطين.
ما تقدم يجعلنا الفلسطينيين نقف مع أنفسنا جيدًا ونراجع مسار قضيتنا خلال العقود الأخيرة وصراعنا مع المحتل، والتحول والانعطافات الخطيرة التي مرت بها قضيتنا في مختلف المحطات، لنؤكد أن قضيتنا يجب عودتها لطبيعتها وحقيقتها، أن قضية فلسطين لا تخص الفلسطينيين وحدهم إنما تخص العرب والمسلمين والمسيحيين على أرض فلسطين، كما تخص جميع أحرار العالم على وجه الأرض، كما كانت على الدوام منذ بداية الصراع.
لأن ما حدث أخيرًا محاولات لدولة الاحتلال الصهيوني وقوى الاستعمار لجعل القضية الفلسطينية تخص الفلسطينيين فقط ليتخلى عنها الجميع، وفي أحسن الأحوال ممكن النظر إلى قضية فلسطين قضيةً إنسانية تستحق الإغاثة، كما تفعل اليوم بعض الدول، يا للأسف!
لذا مطلوب من قيادة الشعب الفلسطيني المضي بتجديد الشرعيات، وترك شعبنا في كل مكان يختار من يمثله؛ فشعبنا الفلسطيني من الشعوب الواعية والمدركة حقائق الأمور، ولا يمكن له أن يخذل قضيته التي قدم من أجلها أكثر من مائة ألف شهيد وأكثر من مليون أسير، فضلًا عن مئات الآلاف من الجرحى والبيوت المهدمة والحصار والدمار بفعل الاحتلال الجاثم على أرضنا.
يعد هناك سبب لمزيد من التأخير في إصدار مرسوم الانتخابات ودعوة جهات محايدة للإشراف على نزاهة الانتخابات، فالشعب الفلسطيني من الشعوب القليلة في المنطقة التي شهد لها الجميع بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في عام 2006م، وهو على استعداد أن يقدم نموذجًا مشرفًا في أسس تطبيق الديمقراطية وحرية الاختيار.