فلسطين أون لاين

خاصة العمل المسرحي

جائحة كورونا تُلقِي بظلالها على الفن في غزة

...
غزة/ هدى الدلو:

لم تدَعْ جائحة كورونا جانبًا إلا وتركت آثارها عليه، فذلك الجانب المرهف الفن بكل أشكاله لم يسلمْ من تلك الأزمة الصحية العالمية التي حدَّت من نشاطاته وتفاعلاته ميدانيًّا على النطاق المحلي.

الفنان التشكيلي محمد الضابوس، الذي يعمل محاضرًا في كلية الفنون الجميلة بجامعة الأقصى، يقول لصحيفة "فلسطين": " تأثَّر الفن التشكيلي بفعل أزمة كورونا من مختلف الجوانب، فعلى الصعيد الأكاديمي تأثرت دراسة الفن بذلك الواقع السائد؛ لكونه يغلب عليه الطابع العملي، ويحتاج إلى تنفيذ مشاريع".

ويوضح في حديث مع صحيفة "فلسطين" أن هذه الأزمة أعاقت التواصل مع الطلاب والفنانين والجهات الأخرى، ومهما كان طبيعة التواصل الإلكتروني فإنه لا يسد عن تنفيذ الورش وإقامة المعارض.

وفي كل عام اعتادت المراكز الثقافية والفنون المعاصرة لورش فنية على إطلاق مشاريع إقامات فنية، حيث يُخصَّص لكل فنان استديو للإقامة فيه مدةً من الزمن ليخرج بعمل فني مميز للجمهور.

ويشير إلى أن كورونا حرمتهم من إقامة المعارض التي هي وسيلة لنشر الأعمال الفنية واستقبال النقد عليها، وإذا أُقيمت فإنها تقتصر على أعداد محددة، وفي حال عقدها إلكترونيًّا ومشاهدتها عبْر البث المباشر فإنه لا يغني عن الوجود في جو المعرض وبين اللوحات.

ويضيف الضابوس: "المعارض والورش تزيد من روح التفاعل والمشاركة، وتولِّد أفكارًا إبداعية خاصة للمبتدئين وتنمي مهاراتهم".

ولكن الجانب المضيء في هذه الأزمة أن الفنان المتمرَّس قد يستثمر تلك الفترة في الرسم والإنجاز فيقضي فترة بين مرسمه وألوانه، ولكن الأمر يختلف من فنان لآخر، "وعلى صعيدي الشخصي، الوقت الذي كان من المفترض استثماره في الرسم سرقه مني التعليم الإلكتروني، فيحتاج إلى جهد ووقت مضاعف، إلى جانب الالتزامات البيتية".

وبضحكة ساخرة وصلت عبر سماعة الهاتف يتابع حديثه: "كورونا وما سببته في إغلاق مطارات الدول أوجدت نوعًا من المساواة الهزلية؛ لكون الفنانين الغزيين محرومين من السفر والتنقل والمشاركة في المعارض الدولية".

بدوره، يرى المخرج المسرحي عصام شاهين أن أزمة كورونا أثَّرت تأثيرًا كبيرًا على سير العمل الفني من ناحية البروفات، واللقاءات والعروض، حيث يحتاج أي منهم إلى تجمُّع جماهيري ما يشكِّل خطرًا على فريق العمل أو الجمهور المشاهد من خطر الإصابة بفيروس كورونا.

ويؤكد شاهين لصحيفة "فلسطين" أن العمل المسرحي في ظل الجائحة يكاد يكون معدومًا بسبب حظر التجول وحالة الخوف عند البعض.

"النهوض من جديد"

من جهته، يوضِّح المدير العام للفنون والتراث في الهيئة العامة للشباب والثقافة عاطف عسقول أن الفن يعتمد على مبدأ التواصل، والتدريب والتوجيه، وهذا انكسر بسبب منع التجمعات والاختلاط وتطبيق التباعد الاجتماعي، وبالتالي انعدمت ورش العمل التدريبية.

ويقول عسقول لصحيفة "فلسطين": "أي عمل فني له مخرج جماهيري، فالمسرح يحتاج إلى عرض للجمهور، والفن التشكيلي له زوار في المعارض، وكذلك أي فن عنصره الأهم هو الجمهور، ما دفعنا إلى تحويل بعض الفعاليات إلى إلكترونية".

ويلفت عسقول إلى أن جميع الفنون تأثَّرت بجائحة كورونا ولكن بنسَب مختلفة، فالمسرح تأثَّر بصورة واضحة وكاد يكون العمل المسرحي معدومًا في هذه الفترة حيث أغلقت أبواب المسرح بسبب مقتضيات الأزمة، مستدرِكا: "ضمن الخطة القادمة للهيئة ستطلق موائمة لعمل المسرح وفق الواقع".

وكذلك الفنون التشكيلية والفعاليات الخاصة بها غابت عن أرض الواقع، وحُرمت من انعقاد الورش التدريبية والمعارض، والسينما تأثَّرت تأثُّرًا كبيرًا وأجَّلت الفعاليات الخاصة بها، وفق حديثه.

ويتابع عسقول: "عام 2020 كان صعبًا، حيث امتلأ بالأزمات التي حطَّت رحالها على الفنون التي كانت جزءًا من التأثير والتأثر على المثقفين والفنانين، وبذات الوقت كان محنة للبعض حيث تمكَّن البعض من إعادة ترتيب أوراقه وتطوير ذاته، خاصة لمحبي الثقافة والمطالعة".

ويبيَّن أن التواصل الإلكتروني في المجال الفني ليس بالسلبية المطلقة، فقد خفَّف من الأعباء المادية والتحضيرات اللوجستية، وأعطى مساحة أكبر للمشاركة عبر الفضاء الإلكتروني، ولكن ليس من السهل تحويل أي عمل فنَّي إلى إلكتروني وهنا تكمن المشكلة.

وينبِّه عسقول إلى أنه في ظل ما تمر به القضية الفلسطينية من هجوم التطبيع فإن هناك حاجة للنشاطات الفنية، ولنظرة المثقفين والممثلين والمخرجين والفنانين، ولذلك فإن الهيئة كجهة رسمية ستؤدي دورها في تضميد جراح الواقع الفني وتقديم الدعم الكافي، وإطلاق الكثير من المبادرات والفعاليات لضمان النهوض من جديد.