لا حصانة دستورية ولا حصانة أخلاقية مع حبِّ السلطة. ولا حصانة مع النفوذ الصهيوني. يقال: إن الولايات المتحدة الأمريكية هي مركز الديمقراطية، وموطن الدستور، وصرح القانون. جلُّ من كتب حول الديمقراطية في العالم عظَّم الديمقراطية البريطانية والديمقراطية الأمريكية، حتى بات غلمان العرب ينشدونها مثلًا لهم في بلادهم العربية التي لم تعرف غير الديكتاتورية وحكم الفرد والأسرة، منذ الحرب العالمية الأولى؟!
الآن، وبعد تسلق أنصار ترامب شرفات البيت الأبيض ومنصة الاحتفال بجو بايدن، ثبت باليقين أن ديمقراطية أمريكا مسكونة بزيف، وبأمراض حزبية، تكسوها مساحيق تجميل حزبية. ترامب ونشطاء حزبه لا يعترفون بنتائج الانتخابات، ويريدون القفز عما أعلنته لجنة الانتخابات المركزية، لأنهم يريدون استبقاء حزبهم وترامب في قيادة الحكومة.
الذين تظاهروا، وتسلقوا شرفات البيت الأبيض كانوا على وعي جيد بما كانوا يعملون، ولم يكونوا من الرعاة والدهماء، بل كانوا يتلقون توجيهات عليا، بعضًا منها ربما تشرف عليه حركات صهيونية، هي ربما هي على صلة بنتنياهو.
أحداث تسلق منصة التنصيب لمنع تسلم بايدن للرئاسة يكشف عن كذب الديمقراطية الأمريكية، ويكشف عن خيانة متعمدة للدستور الأمريكي، ويكشف عن استهتار حزبي كبير للقانون الأمريكي، وليس بوسع الأمريكي بعد هذه الأحداث أن يفتخر بديمقراطية بلاده ولا بقانونها الحاكم لتصرفات الأفراد والأحزاب؟!
ما كان يجري في دول العالم الثالث، عربية وغير عربية، بتدخل أمريكي، يجري اليوم في أمريكا نفسها دون تدخل خارجي، إذا استثنينا التدخلات الصهيونية المحتملة. وإذا كانت دول العالم الثالث قد اعتمدت على الجيش لحسم النزاعات، فإن أمريكا وبقرار من وزير الدفاع تحاول السيطرة على الأحداث الخطِرة غير المسبوقة بالحرس والشرطة.
إن قراءة استشرافية لمستقبل أمريكا من الناحية الحزبية والديمقراطية، تقول: إن القادم أسوأ مما هو واقع الآن، وإن ما أحدثه ترامب وحزبه الجمهوري ليس إلا البداية، وإذا لم تتخلص أمريكا من النفوذ الصهيوني داخل أروقتها فإن أمريكا لن تنجو من الفوضى، والتفكك، وعلى القارئين للمستقبل استعادة ما قاله جورج واشنطن عن النفوذ اليهودي.