فلسطين أون لاين

إستراتيجية تطوير العلاقة بين الزوجين في 2021 أساسها الشراكة

...
غزة- مريم الشوبكي:

2020 كان عام المنعطفات الجسام بعد سيطرة جائحة كورونا على أحداثه، ورغم ذلك فإن فيه مِنَحًا خفيّة أعادت التوازن لبعض العلاقات الأسريَّة، وعلى النقيض أحدثت شرخًا كبيرًا في بعضها الآخر نتيجة إهمال العائلة؛ بسبب ازدياد مسؤوليات الحياة وانشغالاتها.

لذا مع استقبال العام الجديد 2021، يجب إعادة النظر في العلاقة بين الزوجين، واستخلاص العِبَر من العام الفائت، لبناء حياة زوجية على أسس صحيحة يتخللها أساسها تطوير العلاقة وفتح صفحة جديدة.

تقارب ومشاحنات

تُبيّن مدربة الحياة الزوجية سماح دبور أن عام 2020 أثَّر في العلاقة بين بعض الأزواج سلبيًّا وإيجابيًّا على آخرين.

وتوضح دبور لصحيفة "فلسطين" أن من النماذج الإيجابية أن بعضهم اتخذ من الحجر فرصةً للتقارب أكثر، وعمل نشاطات مشتركة للتعرف على بعض أكثر، وتطوير العلاقة بينهما، بعضهم تشارَك في عمل حمية غذائية، وحفظ سور من القرآن الكريم.

أما عن النماذج السلبية، تذكر أن البعض لم يتحمل فرصة التقارب التي أتاحها الحجر المنزلي وكانت المشاحنات أعلى، وافتعال مشاكل حتى يحلها، وانتقاد بعض الرجال أسلوب الزوجة في البيت والتعامل مع الأبناء.

وتشير دبور إلى أن الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي مرَّ بها من لا يمتلك دخلًا ثابتًا، ونتج عنها عدم مقدرة الرجل على تلبية أبسط احتياجات زوجته أدت إلى حدوث خلافات وترْك بيت الزوجية.

وتلفت إلى أن التعليم الإلكتروني ساهم بارتفاع وتيرة الخلافات بين الأزواج؛ لأن بعضهم لا يستوعب كمية الضغط الملقاة على عاتق الأم واستحواذه على جل وقتها، وهذا يعود إلى جهلهما في التعامل مع الآخر.

الحجر المنزلي كشف الأخطاء والفجوات التي يعيشها الزوجان، تقول دبور: "تربينا على مفاهيم خاطئة لمفهوم الزواج والشراكة، والبعض يلقي على الأم أعباء أعلى بكثير مما تترتب عليها شرعًا، وأن الأب تتلخص مهمته في جلب المال، بعيدًا عن الشراكة في الأبناء، وقوامة البيت والتي لا تعني التسلُّط إنما تحمُّل المسئولية".

وتضيف: "الكبرياء ورفْض المبادرة والاعتذار يؤخِّر إحداث تقدُّمٍ في العلاقة الزوجية، وهذا يعود إلى التنشئة وشخصية الزوجين".

وإجابة عن سؤال كيف يمكن جعْل 2021م حدًا فاصلًا للانطلاق إلى تطوير العلاقة الزوجية وفتح صفحة زوجية جديدة؟ قالت: "على الزوجين تحديد أولوياتهما في الحياة كأب وأم وكشخص عادي له اهتمامات في حياتهما".

وتردف دبور: "على الأب الذي وجد نفسه فجأة في حياة أبنائه نتيجة قضائه أيامًا طويلة من الحجر المنزلي، أن يخصص وقتًا لمعرفة أحلامهم وطموحاتهم ومشاعرهم، ومساعدتهم في حل مشاكلهم، والتدارك مع الأبناء لتصحيح مسارهم".

وتوصى الزوجين بالقراءة وسماع الدروس في الحياة الزوجية، فالحياة تزداد تعقيداتها يومًا بعد يوم، والالتحاق بدورات في حياة المتزوجين، واستشارة اختصاصيين في الإرشاد الزوجي، أو النفسي، أو الأسري.

وتشدد دبور على ضرورة اتفاق الزوجين على اتباع منهج واحد في حياتهما، وتبيان وجهة نظر كل طرف في علاقته مع الآخر ومع الآخرين، وتحديد نقاط الالتقاء وتطويرها، ونقاط الضعف وتقريب وجهات النظر عبْر حوار مشترك وبنَّاء.

نية التغيير

من ناحيتها، المستشارة الأسرية والاجتماعية ليلى أبو عيشة تقول: "البعض يعدُّ بداية كل يوم أو شهر أو حلول ذكرى في حياتهم كيوم زفافهم، هو بداية لفتح صفحة جديدة، وترك الماضي والذكريات الأليمة، وعليه لا بُدَّ أن نستقبل عام 2021م من باب بشِّروا ولا تُنفِّروا، دون ذم العام الماضي، ونحمد الله على خروجنا منه بصحة وعافية".

وتضيف أبو عيشة لصحيفة "فلسطين": "يجب النظر إلى عام 2020 بأنه الحد الأقصى الذي وصلنا له من الصبر وأن الفرج آتٍ، واستقبال العام الجديد برحابة صدر، ويجب أن نوقن بأن العام عبارة عن أيام تمضي من عمر الإنسان ويجب استثمارها في أعمالٍ تُرضي الله وتخدم الناس، ونشر العلم والمعرفة".

وتلفت إلى أن الحجر المنزلي كان فرصة للهدوء النفسي بعد أعوام انشغل فيها الإنسان في مسئوليات الحياة المتراكمة، وأرجعت الأزواج إلى الملاذ الأساسي والبوتقة الأولى وهي الأسرة.

وتدعو أبو عيشة الزوجين -في عام 2021م- لمراجعة مسئولياتهما اتجاه الأبناء وتعديل سلوكهما، وإلقاء نظرة جديدة على بعض الأمور التي أهملاها في السابق، والعمل على تلافي أخطاء ارتكباها في السابق، وتقريب وجهات النظر فيما بينهما.

وتنصح السيدات بتشجيع وتحفيز أزواجهم على مساعدتهم في شؤون البيت؛ لأنها ترجمة للمحبة والود والألفة التي جبلهما الله عليها، وتوقفي عن التذمر، وتغاضي عن بعض الأخطاء، بل عُدِّيها فضولًا لم يعشه الزوج من قبل.

ويمكن اتخاذ 2021 عامًا لمراجعة أخطاء الماضي، ولكن بهدوء وروية، واختيار الوقت المناسب للحوار والاتفاق على أسسها بعيدًا عن العناد ونبرة التحدي، حتى يتمكن كلاهما من استيعاب الآخر، وعقد النية على التغيير نحو الأفضل لتنشئة جيل قادر على التعامل مع المجتمع، وفق أبو عيشة.