تعمد الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة عام 2008 استهداف المنشآت الاقتصادية بهدف تقويض الاقتصاد الوطني ككل وجعله تابعًا للسوق الإسرائيلية، إذ تحمَّل أصحاب القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية والتجارية خسائر مالية فادحة تجاوزت مليار دولار أمريكي.
ومنذ ذلك الوقت لم يتسلم المتضررون كامل تعويضاتهم بسبب تنصل المانحين من التزاماتهم، وبسبب الحربين التاليتين 2012 و2014، إذ ارتفعت فيهما فاتورة الخسائر الاقتصادية.
وأكد علي الحايك نائب رئيس اتحاد الصناعات الفلسطينية أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد في كل جولات حروبه استهداف القطاعات الصناعية، وذلك لكي يبقي الاقتصاد الفلسطيني ليس له رافعة وتابعًا للاقتصاد الإسرائيلي.
وقال الحايك لصحيفة "فلسطين": إن الاقتصاد الفلسطيني تعرض لأضرار كبيرة جدًّا في حرب 2008، وظل الاحتلال يواصل نهجه في استهداف الاقتصاد على مدار السنوات المتتالية حتى بلغت الذروة في حرب 2014، إذ تعمد الاحتلال أن يدمر المصانع والورش الطرق والبنى التحتية، ويفرض حظرًا على إدخال مواد مهمة تحتاج إليها المصانع سواء مواد خام أم أدوات ومعدات تستخدم في الأغراض الصناعية.
وأكد الحايك أن الضرر الكبير الذي لحق بالقطاعات الصناعية في قطاع غزة ظل يتراكم من عام لآخر، حتى وصل ذروته العام الحالي الذي يشهد فيه الاقتصاد تراجعًا حادًّا في مؤشراته.
وقال الحايك: "إن عام 2020 الموشك على الانتهاء، ثقيل بالمصاعب على الاقتصاد بصورة عامة، فقد تضرر القطاع الخاص على مدار أشهره كثيرًا خاصة من تبعات جائحة كورونا".
ويتوقع الحايك أن يبقى الاقتصاد يسير في نفق مظلم حتى مع قادم الأشهر الجديدة، داعيًا الجهات الحكومية المسؤولة إلى وضع رؤية للخروج من المأزق الحالي، وطرح برامج لدعم وتعزيز القطاع الصناعي على اعتبار أنه من أكبر القطاعات المشغلة، ويساهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي.
وأكد الحايك أهمية المشاريع التنموية في الارتقاء بالاقتصاد، وأن ذلك يحتاج إلى تضافر مشترك ما بين المشاريع المقدمة من جانب الحكومة والجهات التمويلية الخارجية، لافتًا إلى أن المشاريع الإغاثية أثرها ينتهي مع انتهاء فترة تنفيذ المشروع.
وبحسب لجنة توثيق الحقائق التباعة لحكومة غزة السابقة وجهاز الإحصاء بلغت خسائر الحرب الاقتصادية في قطاع غزة أكثر من مليار دولار أمريكي، كما هدمت سلطات الاحتلال في تلك الحرب أكثر من 4100 مسكن كليًّا أو 17000 جزئيًّا.
من جهته قال نقيب اتحاد المقاولين في غزة أسامة كحيل: إن الضرر الذي تعرض له المقاولون وشركاتهم في حرب 2008 كبير وتحملوا خسائر مباشرة وغير مباشرة، ما تزال آثارها ممتدة حتى اليوم.
وأضاف كحيل لصحيفة "فلسطين" أن واقعهم اليوم بات صعبًا جدًّا، حيث انخفضت الإنتاجية وارتفعت معدلات البطالة، وأفلست شركات وأخرى عليها مديونية مرتفعة، وتعمقت أزمة الشيكات المرتجعة.
وعرج كحيل في حديثه إلى تأثير الانخفاض الكبير لسعر صرف الدولار على نشاطهم، حيث إن العطاءات التي ترسو على الشركات لتنفيذ مشاريع تكون بعملة الدولار بيد أن المواد الخام المستخدمة في التنفيذ بعملة الشيقل، لافتًا إلى أن الدولار انخفض 17% على مدار عام كامل.
وبين كحيل أن ثمة معضلة تواجههم في الوقت الحالي وهي ارتفاع أسعار طن الحديد عالميًّا، فاليوم ارتفع الحديد بنسبة 25%.
وذكر كحيل أن الإنتاجية لديهم كشركات مقاولات انخفضت إلى أكثر من 50% بسب تردي الوضع الاقتصادي وشح مشاريع الإعمار الدولية.
من جهته قال الاختصاصي الاقتصادي د. معين رجب: دومًا الاحتلال يسير في أكثر من جبهة في مواجهة الفلسطينيين ومن تلك الجبهات الجبهة الاقتصادية، وقد كرر ذلك قبل حرب 2008 وبعد الحرب، ومع ذلك فإن التعويض لا يتجاوز 10% من التكلفة الحقيقية للمنشأة.
وأضاف رجب في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال معني بعدم وصول أي دعم أو تعويض للصناعة الفلسطينية، لأنه لا يرغب في خروج الاقتصاد الفلسطيني عن تبيعته.
وأكد رجب أهمية تضافر كل الجهود من جانب الاتحادات الصناعية، والغرف التجارية، ووزارتي الاقتصاد والزراعة، لمد يد العون والمساعدة للمتضررين، وتقديم تسهيلات في الرخص والرسوم والضرائب، كما حث المصارف على تقديم تسهيلات ائتمانية ذات فائدة قليلة وفترة سداد طويلة.