عودة لنقطة الصفر. تلك هي البشارة التي حملها عزام الأحمد في تصريحاته الأخيرة للشعب الفلسطيني. عزام قال إن اجتماعات القاهرة بين فتح وحماس فشلت في أول عشر دقائق. لماذا فشلت؟ قال: لأن حماس طلبت انتخابات متوازية (تشريعية، ورئاسية، ومجلس وطني). وفتح تطلب انتخابات بالتوالي، تشريعية أولًا، ثم بعد أشهر رئاسية، ثم بعد فترة غير محددة مجلس وطني. إذًا قضية المصالحة مؤجلة في أحسن التفسيرات حتى تحل مشكلة (التوازي، أو التوالي).
وهنا دعنا نناقش مطلب التوازي في الانتخابات، أي أن تجرى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في يوم واحد، فيضع الناخب ورقة في صندوق الرئاسة وآخر في صندوق التشريعي، وبهذا التزامن يكسب الوطن عملين مستحقين بحسب النظام السياسي الفلسطيني، ويتحقق بذلك أمران آخران هما توفير في النفقات العامة، وتوفير في الجهود الوطنية. والأهم من ذلك يتخلص الوطن من خيانة الانتقائية، أي أن يأخذ طرف ما يريده، ويتخلى عما لا يريده بتعطيل الإجراءات وتأجيلها، ومرض الانتقائية عانت من الحركة الوطنية في التعامل مع عباس.
التوازي إذًا لا يضر بفتح، ولا بالسلطة، وهو مطلب فصائلي عليه إجماع وطني، وفيه راحة للجميع، أما التوالي، فإنه لا يملك مبررات جيدة تدافع عنه. إصرار فتح على التوالي يعني الخطوة الثانية تقع في دائرة الشك، وتتأثر حتمًا بنتائج انتخابات التشريعي، وقد تفضي تأثيرات انتخابات التشريعي إلى تعطيل الرئاسية والوطني. التوالي إذًا مسكون بعدم الثقة بالخطوة التالية، ويزرع الشك في نفوس الفصائل، إذ تتساءل الفصائل عن أهداف فتح منها!
التوالي يعطي طرف فتح ضمانات تقييم الخطوة الأولى وتقرير الخطوة التالية، وهذا يعني أن فتح تريد انتخابات مع ضمانات الفوز.
في جميع دول العالم تجري الانتخابات دون مثل هذه الاختلافات الدائرة في حلقة مفرغة، ليس لها طرف، وليس لها نهاية، لو كانت النيات خالصة للمصالحة، ولإصلاح النظام السياسي، لما حدث تنازع التوازي والتوالي، لذا يمكن القول إن ما خلف الأكمة ما خلفها، وعلى فتح القبول بما توافقت عليه الفصائل وقبلته، وكفى مراوغةً، هذا إذا كانت تريد الخير لنفسها والوطن. وبشارة عزام الأحمد لا تحمل خيرًا.