لا يبدو أن الهجمات الحوثية الأخيرة ضد السعودية شأن ثنائي بينهما، فقد حذرت أوساط إسرائيلية من تحول الحوثيين في اليمن، الذراع العسكري للإيرانيين، إلى عدو جديد في استهداف السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، ولذلك شكل هجومهم الأخير على السعودية دعوة للاستيقاظ الإسرائيلي، وعدم الغفلة.
بالنسبة لإسرائيل، فإن التطورات الأخيرة على الساحة البحرية السعودية لها خمس دلالات، أولها أن المملكة تظهر مرة أخرى وهي في حالة ضعف عسكري، ولا يمكنها الدفاع عن مصالحها الحيوية، وهي منشآت نفطية، وعلى مدار ست سنوات، عجزت قوتها العسكرية عن التصدي بفاعلية لتهديد الحوثيين لها.
الدلالة الثانية تتمثل في الجانب السياسي لهذه الهجمات، وتكتسب أهميتها مع دخول بايدن للبيت الأبيض، لأن رغبة إيران تتمثل بإضعاف المعارضة السعودية لرفع العقوبات الأمريكية عنها.
الدلالة الثالثة التي يجب على إسرائيل استخلاصها من هجمات الحوثيين أن النقل البحري الإسرائيلي المار عبر البحر الأحمر باتجاه الهند والصين وكوريا وأستراليا قد يتضرر أيضًا من الحوثيين في أي سيناريو تدهور للوضع بين إسرائيل وإيران، في سوريا ولبنان أو أي مكان آخر في العالم.
الدلالة الرابعة تتعلق بحزب الله، الذي قد يتبنى أسلوب الحوثيين، من حيث العمل ضد منشآت الغاز الإسرائيلية في البحر المتوسط، خاصة مرافق الموانئ في حيفا وأسدود، فلدى الحزب قدرة على استخدام الهجمات ضد السفن التي تشق طريقها من وإلى إسرائيل في البحر المتوسط.
أما الدلالة الخامسة لهجمات الحوثيين ضد السعودية، فقد ترتبط بالمنظمات الفلسطينية في غزة، ويمكنها الإضرار بمصالح إسرائيل عبر البحر المتوسط، ولديهما صواريخ تضرب مطار بن غوريون، وتحوزان مئات الكيلوغرامات من المتفجرات لوضعها على قارب خشبي أو بلاستيكي، مع قاذفة وكاميرا وجهاز إرسال وجهاز ملاحة GPS، وإطلاقها نحو منشأة بحرية وسفينة شراعية وميناء إسرائيلي.
ربطت إسرائيل بين هجمات الحوثيين على السعودية واتهامات إيران لإسرائيل بالمسؤولية عن اغتيال رئيس برنامجها النووي العسكري محسن فخري زاده، ما يرجح أن أي هجوم إيراني على سفينة إسرائيلية بأي ساحة محتملة قد يكون ردا مناسبا، ولا ننسَ أن السفن الإسرائيلية موجودة في العديد من الموانئ حول العالم، وإيران لديها القدرة على العمل في أي ميناء من خلال وكيل يمكنه "حقن" عبوة ناسفة في الميناء الذي يعمل فيه.
كما أن الهجمات الإيرانية البحرية ضد الأهداف الإسرائيلية قد تتمثل بوجود عبوة ناسفة متصلة بسفينة، أو إدخالها في سفينة تحت ستار حمولة بريئة، ما يجعلها تلحق أضرارا كبيرة بها لدرجة الغرق، وبالتالي فإن السمات المشتركة لكل الهجمات البحرية لأعداء إسرائيل أنها تحمل أهدافا عديدة ومتنوعة؛ ويمكن لها نثر الأهداف على مساحة كبيرة؛ خاصة مع الضعف الكبير لهذه الأهداف، والتركيز على المتعلقة بالغاز والنفط.