فلسطين أون لاين

تقرير شهيد لقمة العيش.. "عبيات" رحل تاركًا خلفه زوجة و(5) أطفال

...
صورة أرشيفية
بيت لحم-غزة/ جمال غيث:

لم يخلف رحيل العامل عبد الفتاح عبيات من مدينة بيت لحم جنوبي الضفة الغربية المحتلة، سوى ألم وحسرة فقط، بل ترك من خلفه زوجة وخمسة أبناء مكلومين.

رحل شهيد لقمة العيش عبيات (37 عامًا) مساء الأربعاء الماضي، تاركًا أطفاله بانتظاره، إذ كان على موعد للقائهم وجلب بعض من احتياجاتهم من مأكل ومشرب ليكمل معهم يوم إجازته الأسبوعية، لكنه رحل ولم يعد.

وكانت عائلة عبيات قد أعلنت عن استشهاد ابنها عبد الفتاح مساء الأربعاء الماضي، في أثناء عمله داخل مستوطنة "جيلو" المقامة على أراضي بيت لحم، على أيدي المستوطنين، بعدما ضربوه وقيدوه.

تواطؤ الاحتلال

وتوجه الشهيد عبد الفتاح وفق شقيقه فتحي، صباح الأربعاء الماضي برفقة شقيق آخر له وابن خالته، للعمل في شقة سكنية داخل المستوطنة، وحينما أنهوا عملهم غادروا المكان وبقي عبد الفتاح وحده على أمل عودته لاحقًا.

ويقول فتحي لصحيفة "فلسطين": "بعد تأخر شقيقي عن العودة لمنزله حاولنا مرارًا الاتصال به لكن دون رد، فما كان منا إلا أن أبلغنا شرطة الاحتلال بذلك التي ردت بأنه لا يوجد شيء يدعو للقلق وعلينا الانتظار".

ويضيف: "حاولنا الانتظار مجددًا والاتصال بهاتف "عبد الفتاح" لكن دون جدوى، فقررنا التوجه إلى مكان عمله في المستوطنة وتفقد المكان والبحث عن أثر له، لنُفاجأ بأن شقيقي ممدد على الأرض ومقيد اليدين والقدمين ومعلق بحبل من رقبته، وتظهر على وجهه ورأسه كدمات وجروح من آثار الضرب والتعذيب".

ويكمل بحزن: "حاولنا جاهدين إسعافه، لكننا لم ننجح، فقد وصلنا متأخرين وقد فارق الحياة منذ مدة"، لافتًا إلى أن شرطة الاحتلال حضرت برفقة سيارة إسعاف إسرائيلي وحققت معنا في ظروف الحادث.

ويؤكد أن شقيقه لم يكن له أي عداوات مع أحد فكان شغله الشاغل أن يعمل جاهدًا لتوفير قوت أطفاله الخمسة وزوجته، مضيفًا: "كل الدلالات تشير إلى أن شقيقي تعرض لقتل ممنهج ومتعمد على أيدي المستوطنين، خاصة أنه قتل في مكان عمله داخل المستوطنة".

ورغم الدلالات التي تؤكد قتله من قبل المستوطنين فإن شرطة الاحتلال لا تزال تماطل بالكشف عن الجناة ومحاسبتهم، وهذا ليس غريبًا عن الاحتلال، وفق عبيات، الذي أكد أن المكان يعج بكاميرات المراقبة ومن السهل الوصول للجناة من قبل الاحتلال، مشيرًا إلى أنه سيتوجه للقضاء ولكل الجهات المعنية للكشف عن قتلة شقيقه.

وكانت جماهير غفيرة شيعت في محافظة بيت لحم، شيعت ظهر الجمعة الماضي، جثمان شهيد لقمة العيش "عبيات" إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهيد حسين عبيات شرق المحافظة.

إعدام ممنهج

ويؤكد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال فلسطين شاهر سعد، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه ينفذون عمليات إعدام ممنهجة بحق العمال الفلسطينيين، الذين يعملون داخل الأراضي المحتلة دون رقيب أو حسيب.

ويقول سعد لصحيفة "فلسطين" إن أصابع الاتهام في قضية قتل العامل "عبيات" تشير إلى المستوطنين لكون المنطقة خاضعة لسيطرة الاحتلال ومستوطنيه.

وبين أن عدد شهداء لقمة العيش على أيدي قوات الاحتلال ومستوطنيه في العام الجاري بلغ نحو (45) شهيدًا من العمال، في حين بلغ عدد الشهداء العام الماضي (72) شهيدًا.

وشدد على أن قوات الاحتلال والمستوطنين يرتكبون الجرائم باستمرار بحق العمال كقتلهم عمدًا أو إصابتهم أو اعتقالهم أو سحب تراخيصهم، والاعتداء عليهم في ظل صمت عالمي مطبق.

وأشار سعد إلى أنه استشهد عاملان من جنين وبيت لحم، مساء أول من أمس، في أثناء مطاردتهما من قبل شرطة الاحتلال في أثناء توجههما إلى أماكن عملهما في الأراضي المحتلة عام 1948، "يؤكد جرائم الاحتلال الممارسة بحق العمال".

ولفت إلى أن الصمت الدولي وعدم محاسبة الاحتلال ومستوطنيه على الجرائم التي يرتكبونها بحق العمال تشجعهم على ارتكاب مزيد من الجرائم المخالفة لكل القوانين الدولية.

وذكر أن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين قدم شكوى رسمية لمنظمة العمل الدولية، والاتحادات النقابية الدولية والعربية ضد السياسة التي ترتكبها قوات الاحتلال ومستوطنيه بحق العمال الفلسطينيين وبانتظار حضور اللجنة في نهاية فبراير القادم، للتحقيق في جرائم الاحتلال.

وطالب سعد المدير العام لمنظمة العمل الدولية وكل المؤسسات المعنية بقضايا العمال لتشكيل لجنة تحقيق دولية تعمل على كشف الجرائم الممارسة بحق العمال الفلسطينيين وتقديم الجناة إلى العدالة في أسرع وقت ممكن.