فلسطين أون لاين

السلوك التصويتي لدول التطبيع في الجمعية العامة

أن تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كل دورة تعقدها لصالح حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني فهذا عرف درجت عليه منذ عشرات السنين، ولكن ما يميز الدورة الحالية ويدفعنا للكتابة في هذا الموضوع هو توقيته، حيث جاء بعد توجه أربع دول عربية للتطبيع الكامل مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وهي: الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين والمغرب والسودان.

حيث صوتت 168 دولة في الجمعية العامة لصالح قرار حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، مقابل معارضة 5 دول، وامتنعت 10 دول عن التصويت، والمفارقة التي تحتاج لتفسير هي السلوك التصويتي للدول التي طبعت علاقاتها أخيراً، حيث صوتت هذه الدول مجتمعةً لصالح القرار الأممي، وهذا سلوك إيجابي ولكنه متناقض مع الذات عندما نتأمل في جوهر هذا القرار وغيره، وفي الوقت نفسه إسقاطه على الواقع السياسي في فلسطين المحتلة وما تقوم به (إسرائيل)من إجراءات تفرض واقعا جديدا يناقض نصوص القرارات الأممية، فالتطبيع الكامل بين هذه الدول و"إسرائيل" يطرح تساؤلاً على هذه الدول حول جغرافية "إسرائيل" التي قاموا بالتطبيع معها، فـ"إسرائيل" لا حدود لها ولا دستور لها، لأنها دولة احتلال لم تقف أطماعها عند هذا الحد، بل إن الفكر الصهيوني الذي يقوم على "إسرائيل" التوراتية من النيل إلى الفرات هو العائق أمام تحديد حدود لهذه الدولة التي قامت على أنقاض الشعب الفلسطيني، فكيف سيجيب المطبعون عن هذا التساؤل؟ وهل هو تناقض ينطلق من إدراك هذه الدول أو بعضها أن السلوك التصويتي الذي يناقض توجهات "إسرائيل" والولايات المتحدة هو لذر الرماد في العيون، وأن هذه القرارات هي فقط للاستعراض السياسي ولا قيمة لها من الناحية العملية لأن من يحكم النظام الدولي هو قانون الغاب الغلبة فيه للأقوى وليس للقيم والمبادئ الإنسانية، وهذا ما دفع الرئيس التركي طيب رجب أردوغان للمطالبة بضرورة إعادة النظر بعمل المؤسسة الأممية بما يحقق مزيدا من العدالة وترسيخ مبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني؟

على سبيل المثال أصدر مجلس الأمن قراراً عام 2016م رقم 2334 لتجريم الاستيطان، في المقابل نرى دولة الإمارات وبعض رجالات أعمالها يعقدون صفقات تجارية ويستقبلون قادة المستوطنات في تجسيد واضح لحالة التناقض وفي تأكيد على طبيعة توجه هذه الدول وانقلابها على قيمها وعروبتها وعلى ما وقعت عليه في مقررات الجامعة العربية وغيرها من التنظيمات والتكتلات الدولية والإقليمية.

الخلاصة: تصويت 168 دولة لصالح القرار مؤشر صادم لما تريد تحقيقه "إسرائيل" من دوران عجلة التطبيع بشكل متسارع بما يؤكد أن القضية الفلسطينية مازالت تتربع على أجندة الشعوب والدول، وأن كل محاولات طمسها حتى اللحظة باءت بالفشل، ولكن مع ضرورة عدم التعويل كثيراً على بقاء هذا التوجه قائماً في ظل استمرار حالة الانقسام والتيه السياسي وغياب الديمقراطية في كافة مؤسساتنا الرسمية وغير الرسمية.