أثار قرار الحكومة في رام الله إحالة المعلمة سحر أبو زينة للتقاعد القسري، عقب مشاركتها في إضراب المعلمين، ردود فعل غاضبة بين زملائها الذين رأوا فيه ترهيبًا لهم عن التفكير بطلب حقوقهم.
وأبو زينة (52 عامًا) هي مديرة مدرسة عربون في جنين، وتلقت قرار الفصل في يوم المعلم الفلسطيني الذي يوافق الرابع عشر من ديسمبر سنويًّا.
وتوضح أنها خضعت للجنة تحقيق في 28 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بدعوى عرقلة سير العملية التعليمية، وذلك بعد مشاركتها في إضراب المعلمين الذي نفذ في الشهر ذاته؛ احتجاجا على عدم صرف كامل رواتب المعلمين لسبعة أشهر.
وتذكر أبو زينة أن التحقيق شمل انتشار فيديو لها على شبكات التواصل الاجتماعي، تتحدث فيه من مقر وزارة التربية والتعليم عن أسباب الإضراب، "ويبدو أن الفيديو أوجعهم ويريدون الانتقام مني".
وتضيف: "حاسبوني على خروجي في وسائل الإعلام رغم أن القانون يكفل لي التعبير عن رأيي والاحتجاج للمطالبة بحقي"، مشيرة إلى تقديمها اعتراضًا رسميًّا لدى وزارة التربية والتعليم، وأرسلت رسالة بالخصوص إلى رئيس الحكومة محمد اشتية، إلى جانب تبني عدد من المحامين قضيتها.
وتلفت إلى أن ما آلمها ليس إحالتها للتقاعد بعدما خدمت 25 عامًا في سلك التعليم ويفصلها عن التقاعد القانوني بضع سنوات، "ما صدمني هو أن تقابل وزارة التربية والتعليم كفاءتها المهنية بتلك الطريقة، فطوال سنوات الخدمة لم آخذ تقييمًا أقل من جيد جدًا، وعلاقتي جدية بزملائي وطلابي وأهاليهم.. أيكون تتويج ذلك بعقوبة؟!".
وتقول أبو زينة إن قرار الفصل كان صادمًا لكل مَنْ يعرفها، فهي الوحيدة التي صدرت بحقها هكذا عقوبة على الرغم من مشاركة آلاف المعلمين بدعوة من الاتحاد في الإضراب، "فلماذا حملوني المسئولية وحدي؟ لذلك أبدى المعلمون ردة كبيرة وعمت الاحتجاجات شبكات التواصل، خصوصًا أن العقوبة صدرت في يوم المعلم ما مثل ضربة لكل المعلمين الفلسطينيين"
وتشير إلى أن احتجاج المؤسسات الحقوقية على القرار باعتباره ظلما مهنيًّا ويحمل في طياته عنفًا ضد المعلم بحرمانه من حقه في التعبير عن رأيه أو المطالبة بحقوقه، مؤكدة أن مشاركتها في الإضراب وهي على وشك التقاعد تمثل رسالة للأجيال بأن لهم الحق في المطالبة بحقوقهم تحت أي ظرف.
وذهبت أبو زينة إلى القول: "ما طالبنا به هو عدالة التوزيع، خاصة فترة احتجاز الاحتلال لأموال الضراب الفلسطينية، فلماذا يدفع الثمن الموظف الضعيف الذي راتبه متدنٍّ، ويمنح نصف راتب لا يزيد عن 1750 شيقلا لا تغطي احتياجات أسرته".
وتشدد على أن مطالبهم كانت بالاقتطاع من رواتب الوزراء والفئات العليا بنسبة أعلى وليعطوا رواتب الفئات المتدنية راتبًا كاملًا، "فهل من العدالة ألا ندعم صمود الموظف الضعيف ونتركه عرضة للابتزاز الإسرائيلي ثم نقول رضخنا؟ ما طالبنا به هو إدارة حل الأزمة بالشكل السليم لا أن نديرها بشكل سيئ ثم نقول إننا رضخنا للضغوط لأجل الموظف الضعيف".
وترفض المدرسة الخمسينية التهم الموجهة إليها، مؤكدة أنها لن تكون ذراعًا لحرمان المعلمين مستقبلاً من حقوقهم وأن يخافوا قول كلمتهم، "فالذي أوصى بهذه العقوبة يريد إشاعة الخوف في نفوس الأجيال المقبلة، على قاعدة فرق تسد".
مخالف للقانون
وفي هذا الإطار، يشدد المحامي في "محامون من أجل العدالة" ظافر صعايدة، على أن المدرسة أبو زينة، مارست حقها في الاحتجاج كما المعلمين الآخرين، منبهًا إلى أن معلمين آخرين تعرضوا للاستدعاء والترهيب ونقل وظيفي تعسفي، "لكن حالة أبو زينة هي الأهم بسبب إحالتها للتقاعد القسري بما يخالف قواعد القانون الأساسي، وجاء بصيغة عقوبة تتعارض مع الحقوق الدستورية المكفولة للجميع".
ويقول صعايدة: "ممارسة الحقوق الدستورية لا تحتاج إلى إذن، وما يجري هو استعمال مجير للقوانين خدمة لتوجه معين، ولا يوجد في مشاركة أبو زينة في احتجاج المعلمين أي جرم، وإذا ما افترضنا أنها ارتكبت فعلًا مخالفًا هناك إجراءات أخرى كالنقل والتوبيخ والخصم من الراتب".
وتابع: "هناك عقوبات قبل الاستغناء عن الموظف، ولكن هذه الخطوة تهدف لتحييد الموظف نقابيًّا كي لا يؤثر على الآخرين مستقبلاً، وتحمل رسالة لجميع المعلمين بألا يفكروا في رفع رؤوسهم".
ومضى صعايدة إلى القول: "المساس بوضع أبو زينة الاجتماعي والاقتصادي ومركزها القانوني، يد ترهيب للمعلمين والناشطين النقابيين لثنيهم عن المطالبة بأي حقوق مهنية ونقابية مكفولة دستوريًّا"، مشددًا على حق كل شخص في التعبير عن رأيه بالطريقة التي يراها مناسبة ولا تخالف نصوص القانون.