فلسطين أون لاين

الأسرى المضربون يدخلون مرحلة "اللاعودة"

...
غزة - نسمة حمتو

مرحلةٌ في منتهى الحساسية يدخلها الأسرى المضربون عن طعامهم لليوم الثاني والعشرين على التوالي؛ وإن جاز التعبير فهي مرحلة "اللاعودة"، إذ يشقّ الآن على الأسرى العودة عن قرارهم في الإضراب من ناحية، ومن ناحية ثانية تُعد من أعقد مراحل معركتهم؛ ففيها يفقد الأسير شهيته عن كل شيء، ويصبح جسده ضعيفاً لا يقوى على الحركة، ولكنه يغدو أشد ضراوةً في قرار استئناف الإضراب يوماً بعد يوم.

تعب وإرهاق

يقول الأسير المحرر خضر عدنان، بعد عشرين يوما من الإضراب عن الطعام يدخل الأسرى في مرحلة جديدة اسمها "اللاعودة" تزداد فيها الأيام طولاً وتتعنت قوات الاحتلال في الاستجابة للمطالب.

وأضاف لصحيفة "فلسطين":" في هذه المرحلة يزداد تعب وإرهاق الأسير وتقل حركته ويفقد شهيته للماء رويداً رويداً؛ حتى يصبح الماء بالنسبة له كالدواء لا يستطيع أخذه إلا للحاجة، وبعدها يخرج العصارات الحامضية من المعدة والأمعاء طعمها كريه جداً ورائحتها سيئة وطريقة الاستفراغ صعبة للغاية".

وأشار إلى أن الأسير بعد ذلك يعاني من ضعف وتشويش في الرؤية وتساقط الشعر من الجسم وانحسار اللثة عن الأسنان وبدء تآكل العضلات وهو ما يؤثر على القدرة على الحركة والنشاط.

وتابع حديثه:" ثم يقوم الاحتلال بنقل الأسير من سجن لآخر ومن عزل لآخر ومن مشفى لآخر في محاولة لإجهاده أكثر وعرقلة زياراته ليبقى في عالم مجهول, لا أحد يسأل عنه في محاولة للتأثير على معنوياته".

وقال:" من ضمن الإجراءات التي يقوم بها الاحتلال محاولة إقناع الأسرى بتناول المدعمات كي لا يشكل الإضراب خطرا على حياتهم فيكسرون إضرابهم بشكلٍ جزئي".

وما زالت إدارة سجون الاحتلال تفرض سياسة حجب الأسرى المضربين عن العالم الخارجي، وتمنع عنهم وسائل الاتّصال والتّواصل بكافّة أشكالها، كما وتحرمهم من زيارة المحامين، فمنذ اليوم الأول للإضراب لم تتمكّن مؤسسات الأسرى سوى من تنفيذ زيارات لعدد من الأسرى لا يتجاوز العشرة من بين أكثر من (1800) أسير مضرب.

ممارسات لا تنتهي

من جانبه, قال الناطق الإعلامي لمركز أسرى فلسطين للدراسات رياض الأشقر، إن الحالة الصحية للأسرى الآن تبدو في غاية الصعوبة؛ فمظاهر الإعياء واضحة على أجسادهم، و معظم الأسرى فقدوا من 5 إلى 10 كيلوات من وزنهم.

وأضاف:" معظم الأسرى يعانون من صداع ودوخة وإغماء لفترة مؤقتة ثم يعودون للوعي، وقد تدهورت حالتهم الصحية بشكل كبير وتم نقل بعض منهم للمستشفيات".

وتابع:" لا يستطيع الأسير الوقوف على قدميه بعد ثلاثة أسابيع من الإضراب، وتزداد الخطورة الصحية كلما زادت أيام الإضراب"، محذراً من استشهاد بعض الأسرى خلال الأيام المقبلة نتيجة انهيار أجسادهم بسبب الإضراب خاصة المرضى بعد امتناعهم عن تناول الأدوية والطعام.

وكانت اللجنة الإعلامية لإضراب الكرامة المنبثقة عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير، قالت إنه بعد اليوم الـ (20) للإضراب تزداد الخطورة على الوضع الصحي للأسرى المضربين، إذ تزداد حالات فقدان الاتّزان وانخفاض كلٍّ من الضغط ونبضات القلب؛ وضمور العضلات.

وأكد الأشقر أن الاحتلال يتعامل باستهتار مع حياة الأسرى في سجون الاحتلال ويرفض نقل بعضهم للمستشفى رغم تدهور حالتهم الصحية.

ومن ضمن الممارسات التي تتخذها إسرائيل بحق الأسرى المضربين عن الطعام، اقتحام غرفهم ومصادرة الملح الذي يستخدمونه من أجل عدم تعفن معدتهم، بحسب الأشقر.

وقال:" الاحتلال يدعي أنه جهز مستشفى ميدانيا في سجن النقب لاستقبال الأسرى الذين تدهورت صحتهم، كما أنهم يدعون أنهم جلبوا أطباء من الخارج لتمرير قانون التغذية القسرية على الأسرى وإيقافهم عن إضرابهم المفتوح بعد أن رفضت نقابة الأطباء الإسرائيلية تنفيذها باعتبارها عملا غير إنساني".

ولفت إلى أن إدارة السجن قامت منذ بداية الإضراب بتركيز عملية نقل واسعة على كل الأسرى وتجميعهم في أقسام وحدهم عن العالم الخارجي، مشيراً إلى أن الاحتلال سحب كل المستلزمات الأساسية بما فيها الفراش والأغطية والأجهزة الكهربائية, ولم يتبقَ سوى ملابس السجن.

ومن ضمن الإجراءات التي عمدت إليها إدارة السجون ضد الأسرى عزل عدد منهم في الزنازين الانفرادية، واستفزازهم بتنظيم حفلات شواء في سجن عوفر وإقامة ولائم داخل السجون للتأثير على نفسياتهم بحسب الأشقر.

وأكد أنه رغم كل هذه الإجراءات التعسفية إلا أن إرادة الأسرى المضربين عالية ومعنوياتهم مرتفعة، لافتاً إلى أن الاحتلال لن يكسر عزيمتهم وهم مُصممون على استمرار الإضراب حتى نيل كل مطالبهم.

زيارة المضربين

و تقول الناطقة باسم الصليب الأحمر سهير زقوت :" منذ السابع عشر من أبريل أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن رفع حالة التأهب للتعامل مع الأسرى المضربين عن الطعام، وزيادة وتيرة الزيارات التي يقوم بها المندوبون للمضربين عن الطعام؛ ومراقبة تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم".

وأشارت إلى أن آخر زيارة للصليب الأحمر داخل سجون الاحتلال كانت في تاريخ 30 أبريل، لافتة إلى أن الصليب يشعر الجميع بوقت الزيارة التي يقوم بها.

وفي معرض ردها على سؤال عن الإجراءات التي سيتخذها الصليب الأحمر لتحقيق مطالب الأسرى، أجابت:" اللجنة الدولية لا تفاوض على الأسرى .. موقفنا محايد نحن لسنا مع المطالب ولسنا ضدها، نحث ممثلي المعتقلين على ضرورة إيجاد حل مع الجهات المحتجزة لتجنب تفاقم صحة المعتقلين".

وفيما يتعلق بالتقارير التي يصدرها الصليب الأحمر لإنهاء مشكلة الأسرى قالت:" هي تقارير ثنائية نعتمد فيها بالأساس على الحوار الثنائي غير العلني مع السلطات من أجل إحداث تغيير".