فلسطين أون لاين

مغامرات (15) وزيرًا مع حماس

الرقم 15 يشير إلى عدد وزراء الحرب الإسرائيليين الذين مرّوا على حركة حماس منذ تأسيسها في عام 1987، ونصفهم تقريبًا كانوا رؤساء وزراء في الخدمة. وخمسة من أولئك (موشيه ديان، إسحاق رابين، إيهود باراك، شاؤول موفاز، موشيه يعلون) كانوا أيضاً رؤساء أركان سابقين في الجيش.

كل أولئك خاضوا على مدار 33 عامًا مهمة إنهاء وجود حماس والقضاء عليها، دون أن يدركوا أنها نشأت لتكون رواية فلسطينية ملحمية عليهم قراءتها حتى النهاية.

غادرت هذه الأسماء مبنى مقر وزارة الحرب "الكرياه" تجرّ أذيال الخيبة، متأبطة خططها ومقترحاتها للقضاء على الحركة، التي أصبحت واحدة من أصعب المحاكمات لـ "إسرائيل".

وزير الحرب في "إسرائيل" ثاني أهم منصب في الحكومة، ويتم إنفاق حوالي ربع ميزانية الدولة على "وزارة الحرب"، لتصبح أغنى وكالة في الكيان، وهي معطيات لم تسهم في تغيير موازين المعركة مع حماس أو إضعافها، بقدر ما زادت من عدوانية الاحتلال وعنصريته ضد شعبنا، بالنظر إلى كون حماس واحدة من أخطر التحديات التي تهدد الأمن الإسرائيلي.

كما لم ينتج عن ذلك تراجع الحركة عن مسؤوليتها الإنسانية في الدفاع عن شعبنا، بل تعاملت مع هذا التضخم العسكري وفق قاعدة "كلما اتسع حجم العدو زادت نقاط ضعفه".

شكلت الحركة حالة استنزاف كبيرة للمؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على المستوى العملياتي وعلى مستوى الجنرالات أنفسهم، والسبب العام هو سياسة الحكومة الإسرائيلية في التعاطي مع ملف غزة، فما كان من استقالات وزراء الحرب ومغادرتهم دون تنفيذ مفرقعات وعودهم، سوى أنها أضافت رصيدًا بالغ الأهمية إلى الحركة.

لقد تسببت حماس في رفع ثمن حقيبة "الدفاع" في "إسرائيل"، حتى أصبح يقال إنها تحوّلت إلى مصيدة في يد نتنياهو لخصومه، ولم يعد يبالي بتعيين الأقل خبرة لهذا المنصب كأمثال أفيغدور ليبرمان، الذي انتهت أغلب التحليلات السياسية إلى أنه لم يُعيَّن وزيرا للحرب من أجل حلّ المشاكل الأمنية، بل لحلّ الأزمة السياسية لنتنياهو.

وتطوّر الأمر حتى صار يُفهم أن نتنياهو لا يزال يواصل لعبة الكراسي الموسيقية مع الجنرالات؛ من أجل تصعيب مهمتهم في تحدّي حكومته. ومنذ عام 1987، يتكرر العزف والدوران في "إسرائيل" على "كرسيّ الدفاع" حتى خرج 15 وزيرًا من اللعبة، بينما ظلّت حماس تحسمها.

وبرغم ذلك، فإن كل عام يزيد في عمر حماس تزيد معه التحديات والصعوبات، وهذا ليس أمرًا سلبيًا بالضرورة، بقدر ما يؤشر على مدى اندماج الحركة في الواقع الفلسطيني وتشابكاته، وهو برأيي الوضع الطبيعي لحركة تقود المشروع الوطني.

لكن الفارق الأبرز في عمر الـ33 هو اكتمال وظائف القوة للجناح المسلّح للحركة "كتائب القسام" إلى درجة تجاوزت تحقيق الردع مع العدو إلى تثبيته، حتى أعطى صداه في كل الشرق الأوسط، فاضطر الأكاديمي والكاتب الإسرائيلي "حاييم مسغاف" للقول "إن القسّام صعّب علينا هزيمة حماس".

لا تتقدّم حماس في العمر فقط بل في الفعل والتأثير والمستوى، لذلك رفعت باقتدار في انطلاقتها الثالثة والثلاثين شعار "فلسطين عهدة الأحرار"؛ لأنها تعرف أن أقوى عهد هو الذي يقال بأقل الكلمات.