مرّ يوم المعلم السنوي قبل يومين ١٤/12/٢٠٢٠م ولم يشعر به أحد، مرّ بطيئًا ثقيلًا وبالكاد شعر به بعض المعلمين، وزارة التربية والتعليم ذات المسؤولية عن المعلم الفلسطيني لم تتذكر هذا اليوم ولم تحتفل به، ولم ترسل رسائل "أس أم أس" للمعلمين تهنئهم بيومهم، أو تعدهم فيه بالعمل الجاد لرفع الحيف والظلم عنهم، في الراتب الشهري، أو في تراجع مكانة المعلم قياسًا برجل الأمن الفلسطيني الذي يقدم خدمة غير مباشرة للمحتل الغاصب؟!
المعلم الفلسطيني يختلف عن رجل الأمن الفلسطيني في التعامل مع المحتل، المعلم يزرع الوطنية في نفوس طلبة العلم، ويعرفهم حقيقة الصهيونية التي تحتل الوطن وتعمل على استكمال إجراءات تهويد المكان والمكين في القدس وبقية الضفة الغربية.
المعلم الفلسطيني الذي علم ياسر عرفات ومحمود عباس وسائر قيادات السلطة وفتح والفصائل يعيش حياة مادية بها كثير من الحيف والغبن، في الراتب، والتأمين، ومستحقات نهاية الخدمة، ولا يكاد يحصل على حقه في العلاوات السنوية الدورية إلا بشق الأنفس، في حين يحصل رجل الأمن وبعض موظفي الوزارات من أهل الولاء على علاوات استثنائية ويقفزون قفزات واسعة بقرار من صاحب القرار.
حدثني من أثق به قال: "لما كنت وزيرًا طلبت مني موظفة هي زوجة أحد الشخصيات الكبيرة القريبة من القيادة علاوة بدرجة "مدير سي"، فوجدت أن ملفها الوظيفي لا يسمح بذلك، وعليها الانتظار بضع سنوات بحسب القانون، ومرت أشهر قليلة، وإذا كتاب ينقلها إلى موقع آخر بدرجة مدير عام، لأن صاحب القرار حكمته صداقته مع زوجها"، وهكذا تجري الترقيات في وطن مقاومة، حيث لا تطبق معايير القانون في الترقيات إلا على المعلم فقط.
كلنا في فلسطين يعلم أن المعلم هو الموظف المهضوم حقه، ومع ذلك هو يؤدي مهام وظيفته، ويحترق سنة بعد سنة كالشمعة التي تحرق ذاتها لتضيء للآخرين، ولا أحد من القيادات يلتفت إلى حاجة المعلم لنظرة إنصاف وعدل، ولو قرأ هؤلاء الذي ركبوا وظائفهم العليا بالولاء الحزبي دون الكفاءة العلمية، لو قرأ هؤلاء تجربة مهاتير محمد في ماليزيا الجديدة؛ لاقتدوا به في إنصاف المعلم، ولو قرؤوا تجربة اليابان أو تايون أو سنغافورا لقرروا إنصاف المعلم لتحقيق نمو ونهضة فلسطينية ذاتية، ولكن –يا للأسف!- المسؤول عندنا يقرأ تجربة القيادات الديكتاتورية التي قدمت ضابط الاحتياط الراسب مكررًا في التوجيهية، على المعلم، وعلى أستاذ الجامعة، حتى بات رجال من المجتمع يرغبون في الرسوب والالتحاق بجهاز المخابرات وأمثاله، لأنهم بعد مدة تجد الفرد منهم (الراسب مكررًا) يحمل نجمًا على كتفه ويأتي ليتفقد المدرسة، ويستمع لمطالب المعلم الذي علمه في الثانوية العامة، وهو استماع لا ينتهي إلى نتيجة، بحجة كبر حجم أعداد المعلمين وعجز الميزانية.
يوم المعلم فات فات، وفي ذيله سبع كعكات، ومع ذلك نقول لمعلمنا الفلسطيني معلم الجيل والحقيقة: كل عام وأنت بخير وعافية، وإذا فاتتك دنيا الحكومة الجاهلة؛ أرجو ألا تفوتك الآخرة.