بدأ الكيان العبري محاولات تفكيك (أونروا)، وهي الجهة الدولية المسؤولة عن حياة اللاجئين الفلسطينيين، منذ زمنٍ بعيد، لأن وجود (أونروا) سيظلُّ بمنزلة اعترافٍ دولي بالحق الفلسطيني المسلوب، حق اللاجئين، وهو الحق المرعب للكيان العبري، لاسيما أنه ينص على حق اللاجئين في العودة، أو التعويض، اعتمادًا على قرار (302) عام 1949م لتأسيس (أونروا).
ظلَّ الكيان العبري يعد (أونروا) ضمن المنظومات الحقوقية الفلسطينية، التي يجبُ تفكيكها لكي يتخلص نهائيًّا من قضية فلسطين.
وفي إطار هجومه على هذه المنظمة الدولية جمع ثمانمائة وخمسين ألف إسرائيلي مهاجرين من دول العرب، ووثق سجلاتهم، عبر إعلانات في الصحف العبرية، للمساومة على حقوقهم بوصفهم لاجئين، لكي يطالب الأمم المتحدة بمعاملتهم بالمثل، كما الفلسطينيين، مع أن أغلبهم "هاجروا" بمحض إرادتهم، ولم "يُهجَّروا" كالفلسطينيين.
ظهرتْ محاولات التفكيك بوضوح، خلال اجتماع أفيغدور ليبرمان وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي، في أثناء زيارته إلى واشنطن في 8-3-2017م؛ بوزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلارسون، ونائب الرئيس ترامب مايك بنس، طالَبَهما ليبرمان بإعادة النظر في الدعم المالي لـ(أونروا)، لأن المؤسسة الدولية التي تشرف على تعليم اللاجئين الفلسطينيين "تسمح بالتأليب على (إسرائيل)، في مناهج التعليم الفلسطينية، هذه المناهج تُغفل دولة (إسرائيل) من مقرراتها، وخرائطها"، وتُذكِّر الطلاب بمدن وقرى آبائهم، وتُخلّد أسماء الشهداء في الشوارع.
إن خيوط تفكيك (أونروا) بدأت في البروز والتوسُّع، في خبرٍ جديد، لم يلقَ اهتمامًا إعلاميًّا كبيرًا في الوسط الفلسطيني، وهو "الإنذار" الموجَّه من كل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، المائة، الديموقراطيين، والجمهوريين إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش يوم 27-4-2017م، أنذر هؤلاءِ الشيوخُ الأممَ المتحدة أن تكفَّ عن مطاردة الكيان العبري في هيئاتها المختلفة، وأن تتوقف عن إصدار القرارات ضده، وأن تُحسنَ معاملته مثل بقية الدول الأخرى.
وقد أشار الإنذارُ على وجه الخصوص إلى (أونروا) في بندٍ خاص، وطالبها الإنذارُ الأمريكيُ بوقفِ التأليب على الكيان العبري في مناهج التعليم، بأن توقِف التأليب على الكيان من قبل سلطة حماس في غزة.
هذا الإنذار لم تُشر إليه معظم وسائل الإعلام الفلسطينية، فهو يتوافق مع تحذير ليبرمان السابق، فقد اتُّهمت (أونروا) بأن رئيس اتحاد موظفيها ينتمي إلى حركة إرهابية، وأنها تتغاضى عن محتويات المقررات المدرسية الفلسطينية التحريضية، لذا امتثلتْ (أونروا) للضغط، ونفذتْ الشق الأول، بإقالة رئيس اتحاد العاملين.
أما الشق الثاني المتعلق بالمناهج الفلسطينية فما زال عالقًا حتى الآن، أو محفوظًا في (فريزر) المؤامرة، ينتظر أن يوضع له صاعق التفجير، ليكون في النهاية بداية تفكيك (أونروا).
يجبُ ألا ننسى محاولات الكيان السابقة لتفكيك (أونروا)، حينما اتهم مؤسسات (أونروا) في غزة بتخزين الأسلحة، وإيواء المطلوبين الفلسطينيين له في مبانيها، فقصف مدارسها في الحروب الثلاثة على غزة، فقتل عشرات الأبرياء، حتى إنه قصف مقر الوكالة الدولية الرئيس في غزة.
وعمد إلى أسلوبٍ آخر، وهو تسجيل شريط (فيديو)، عن بداية يوم مدرسي في مدارس (أونروا) في غزة، حيث يهتف الطلابُ: "الموت لـ(إسرائيل)"، وزعه بكل اللغات على سفاراته، أنْ "مدارس الوكالة تُنشد الأناشيد الوطنية، وتُخلِّد موطن الآباء والأجداد، ولا تكتب اسم (إسرائيل) على خرائطها، وتوظِّف معلمين إرهابيين".
لعلَّ أخطر ما في الموضوع أن نتولى نحن _الفلسطينيين_ تقديم الدعم لهذه الخطط بجهلنا، حين نغضُّ الطرف عن هذه المؤامرة، أو نُقلِّل من آثارها، فنشرع في خطواتٍ ضد (أونروا) تخدمُ المؤامرة، وتُعجِّل بتنفيذها.