فلسطين أون لاين

تقرير انتفاضة الحجارة.. مشاهد المواجهات لن تنسى من ذاكرة الفلسطينيين

...
مواجهات مع جيش الاحتلال (أرشيف)
غزة/ محمد أبو شحمة: 

تكسير العظام، وإطلاق النار المباشر على المواطنين، ومواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي بالحجارة، أبرز مشاهد الانتفاضة الأولى التي لن تذهب من ذاكرة الفلسطينيين. 

وفي انتفاضة الحجارة التي اندلعت في 8 ديسمبر/ كانون الأول 1987 في إثر جريمة دهس سائق شاحنة إسرائيلي مجموعة من العمال الفلسطينيين شمالي قطاع غزة، انتفض الفلسطينيون في كل أنحاء الأراضي المحتلة ضد الاحتلال. 

وبدأت شعلة الانتفاضة من مخيم جباليا شمالي القطاع، وانتقلت كالنار في الهشيم إلى باقي المدن والقرى الفلسطينية، واستمرت 7 أعوام، في حين كانت الحجارة الأداة الرئيسة للتصدي لجرائم الاحتلال. 

وإلى جانب الحجارة بدأ الشبان في استخدام أدوات بسيطة كالزجاجات الحارقة المعروفة باسم "المولوتوف". 

وفي انتفاضة الحجارة استشهد بفعل جرائم الاحتلال 1162 فلسطينيًّا منهم 241 طفلًا، في حين أصيب نحو 90 ألفًا آخرون. 

الشاب محمد أبو موسى (42 عامًا) يستذكر أحد الأيام التي شهدت مواجهات عنيفة بين شباب منطقته في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، وقوات الاحتلال وخاصة ما تعرف بـ"مشمار هجفول". 

وهاجم جنود الاحتلال عام 1989 منطقة سكن أبو موسى، كما يروى لصحيفة "فلسطين"، وباشروا إطلاق النار وقنابل الغاز، في حين رد الشبان بإلقاء الحجارة بكثافة، وإشعال الإطارات المطاطية. 

ويقول أبو موسى: "ما أذكره في تلك الأيام أنها كانت معركة بكل معنى الكلمة، وكانت هناك عمليات كر وفر بين جنود الاحتلال والشبان الذين كانوا يهربون إلى البيوت ويعتلونها لإلقاء الحجارة على الجنود". 

ويوضح أن جنود الاحتلال أطلقوا الرصاص على أحد أقاربه وأصيب في بطنه، ونُقل بصعوبة إلى مستشفى ناصر الذي يبعد مئات الأمتار عن أماكن المواجهات. 

الأربعيني ياسر أبو ربيع أحد الشبان الذين شهدوا أيام انتفاضة الحجارة بجميع تفاصيلها، يؤكد أن أكثر ما سيبقى في ذاكرته من سنواتها هو قيام جيش الاحتلال بإطلاق النار مباشرة على شقيقه وإصابته في قدميه. 

ويقول أبو ربيع في حديثه لـ"فلسطين": "في السنة الثانية من الانتفاضة خرجنا من المدرسة أنا وشقيقي في صباح يوم، وبدأنا في إلقاء الحجارة بكثافة على جنود الاحتلال الذين كانوا متمركزين على ميدان رئيس غرب مدينة خان يونس". 

ويضيف أبو ربيع: "بدأت المواجهة تشتد مع جيش الاحتلال الذي أطلق النار بكثافة علينا، وهنا رأيت شقيقي يسقط على الأرض بعد إصابته بأكثر من رصاصة في قدميه، مع وجود دماء كثيفة حوله". 

ويوضح أن شقيقه أنقِذ بصعوبة بالغة من الشبان الذين كانون يرشقون الحجارة على جنود الاحتلال لكسر الطوق الذي كانوا يفرضونه على جميع الشوارع المؤدية إلى مستشفى ناصر في ذلك الوقت. 

وبين أبو ربيع أن شقيقه أُوصِل إلى المستشفى بطواقم الإسعاف التي تمكنت من إدخاله المستشفى رغم حصار قوات الاحتلال. 

ويستذكر الشاب تامر الصوالحي أبرز مشاهد انتفاضة الحجارة، حيث استشهد أحد أفراد جيرانه قنصًا من أحد قناصة جنود الاحتلال، الذي كان متمركزًا في مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا". 

ويقول الصوالحي لـ"فلسطين": "ذلك اليوم لن أنساه أبدًا، إذ كنا كباقي الشبان نلاحق جنود الاحتلال في أزقة المخيم، وكان هناك مجموعة من الجنود يعتلون سطح مدرسة الحوراني غرب مدينة خان يونس ولم يكن أحد منا يعلم بوجودهم". 

ويضيف: "مع وصولنا قرب الشوارع التي تؤدي إلى المدرسة تفاجأنا بخروج طلق ناري من قناص إسرائيلي أصاب الشاب تحسين أحمد في صدره وأدى إلى استشهاده فورًا". 

ويوضح الصوالحي أن جيش الاحتلال لم يكتفِ بإطلاق النار على الشهيد، بل حاول بعد وصوله إلى المستشفى سرقة جثمانه وأخذه إلى الداخل المحتل، وهو ما رفضه الشبان الثائرون في وقتها، واستطاعوا نقله إلى المقبرة ومواراة جثمانه تحت الثرى. 

وإلى جانب الذكريات التي رواها أبو ربيع والصوالحي، لن ينسى العالم سياسة تكسير العظام التي اتبعها جيش الاحتلال لوقف الانتفاضة، إذ تسببت قواته في تكسير عظام المئات من الفلسطينيين. 

ولم تنجح العقوبة الإسرائيلية في حيناه بوقف الانتفاضة، بل زاد غضب المواطنين تجاه الاحتلال، مع خروج صور أظهرت وحشيته أمام العالم.