أكد الأمين العام لحركة الأحرار الفلسطينية، خالد أبو هلال، أن إعلان السلطة في رام الله عودة علاقاتها مع الاحتلال الإسرائيلي "شكّل ضربة لجهود المصالحة والحوار الوطني" الذي استمر لأشهر، ونشر حالة من الأمل لدى الشعب الفلسطيني.
وعدّ أبو هلال خلال حوار خاص مع صحيفة "فلسطين"، أن عودة التنسيق الأمني في الوقت الحالي "أجهضت جولة الحوار ووضعت لها حداً، على أمل أن تأتي ظروف أخرى قادمة".
وقال: إن "هذا الإعلان جاء ليؤكد أن آلية صناعة القرار على مستوى القضية الفلسطينية تعيسة وبائسة"، واصفًا إياها بأنها "تجاوز لإجماع المؤسسات الفلسطينية والمجلسين الوطني والمركزي وغيرها".
وشدد على أن العودة للتنسيق الأمني المرفوض وطنياً "ضربة للإجماع الوطني والمزيد من الاستخفاف بالشعب الفلسطيني"، معتبرًا ذلك "مأساة حقيقية تُشير إلى حجم فساد النظام السياسي الحالي وحاجته لإعادة بناء من جديد".
وأضاف: "من اتخذ قرار عودة التنسيق الأمني والاتفاقات الموقعة مع الاحتلال يُدرك أنه لا يستطيع أن يجمع بين خطين متوازيين هما العلاقة مع الاحتلال والعلاقة مع العمق الفلسطيني القائم على الصراع على أساس الدفاع عن الأرض والانعتاق من الاحتلال".
وبحسب أبو هلال، فإن السلطة هي المسؤولة عن الانقسام الراهن، كونها يختطفها بعض الشخصيات المتنفذة التي تعاند الاجماع الوطني وترفض الانصياع لقراراته، منبّهاً إلى أن هذا الإعلان "عزز أزمة الثقة بين الطرفين والشعب الفلسطيني أيضاً".
وتابع أن "جولة الحوار الحالية انتهت على أمل أن تبدأ جولة جديدة بنوايا جديدة وعندما تحتاج السلطة أن تستخدم ورقة الحوار الوطني".
صراعات فتحاوية
ولم يستبعد أبو هلال، أن يكون إعلان "التنسيق الأمني"، في إطار الصراعات الفتحاوية الداخلية على النفوذ والمواقع.
وبيّن أن قيادة السلطة المتنفذة تدرك أن المصالحة والحوار الجاد يعنيان انتهاء اتفاقية "أوسلو" وتبعاتها، وهو ما يعني انتهاء السلطة بشكلها الحالي.
وقال إن السلطة أُنشئت من أجل "التنسيق الأمني" مع الاحتلال "لذلك توقفها عن ممارسته يعني انقلابا على شهادة ميلادها، وستدفع ثمناً كبيراً له، باتهامها بالانحياز للإرهاب وامتناعها عن القيام بسبب وجودها".
وجدد التأكيد على ضرورة إصلاح النظام السياسي وإعادة صياغة البرنامج السياسي للسلطة وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، متسائلاً: "هل السلطة مُستعدة لدفع الثمن كما غزة التي رفضت التنسيق مع الاحتلال؟".
كما استبعد أبو هلال، أن يُقدم رئيس السلطة محمود عباس والشخصيات المتنفذة معه على أي خطوة تهدد شأنه السياسي حفاظاً على مصالحهم الشخصية والعائلية وبقاء نفوذهم.
وبيّن أن المعطل الوحيد للمصالحة هو السلطة وحركة "فتح"، التي ترفض الانصياع للإجماع الوطني وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وإحياء منظمة التحرير لتضم كل الفصائل تحت برنامج عمل سياسي يحظى بإجماع الفصائل وصولاً لتفعيل المقاومة الشعبية.
ولفت إلى أن النظام السياسي الفلسطيني يعيش في أسوأ حالاته، ليس فقط على مستوى الانقسام السياسي، إنما على مستوى مواجهة الفلسطينيين لكل المستجدات والتحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وقال: "نعيش مرحلة هي الأخطر في عمر القضية الوطنية التي تتعرض لعدة مؤامرات منها، "صفقة القرن" والتطبيع والضم والتهويد مصادرة الارض، والمُراد منها تصفية حقيقية لكل أركان القضية".
ونبه إلى أن المستويين الرسمي والفصائل لا يزالان يدوران في حلقة مفرغة تحت شعارات الحوارات الوطنية التي لم تثمر حتى الآن رصيداً عملياً يلمسه الشعب سوى الروح الايجابية التي تزرع الأمل والتفاؤل "لكن بلا رصيد".
وانتقد حالة السكوت وعدم المبادرة في الإقدام على اتخاذ خطوات عملية لمواجهة تصفية القضية، الأمر الذي يعكس حجم يأس الشارع الفلسطيني من قيادته السياسية والفصائل والسلطة بشكل عام.
لا شراكة
وجدد التأكيد أن عباس لا يحتمل قيادة جماعية مع حركة "فتح" ولا قيادة المنظمة القريبة من لونه السياسي، فهل يقبل الشراكة مع الآخر الذي يرفع شعار المقاومة؟
وتساءل "هل عباس المتفرد بالقرار السياسي جاهز لإعادة بناء مؤسسات المنظمة بحيث تكون قادرة على إدارة الشأن الفلسطيني؟"، مشدداً على أن "عباس هو المشكلة والأزمة لدى الشعب الفلسطيني"، وفق تعبيره.
ولفت إلى أن عباس صاحب عقيدة تاريخياً بتأييد ملف الاعتراف مع الاحتلال والتفاوض معه، "فهو الذي أوصل الحالة الفلسطينية للانقسام الحالي منذ توليه رئاسة السلطة، وقاد المرحلة ولا يريد مغادرتها"، حسب تعبيره.
وفيما يتعلق بملف الانتخابات، أفاد أبو هلال أن شكل وآلية إجراء الانتخابات كانت العقدة لدى فتح خلال جولة الحوار الأخيرة في القاهرة، لافتاً إلى إصرار "فتح" على إجراء انتخابات متتالية تبدأ من المجلس التشريعي.
وأوضح أن هذا الإصرار يدلل على أن قيادة فتح تريد إحياء مؤسسات "أوسلو" وهو ما ترفضه الفصائل التي تسعى لتجاوز "أوسلو" وتعزيز الشراكة الوطنية في منظمة التحرير التي تمثل كل الشعب الفلسطيني تحت برنامج سياسي مشترك أساسه المقاومة الشاملة.
وبيّن أن إصرار فتح على اجراء الانتخابات التشريعية أولاً قوبل بمرونة من حركة حماس وقبول ذلك لكن على قاعدة مغالبة البرامج السياسية.
وبحسب أبو هلال، فإن ثلاثة خيارات للانتخابات طُرحت ووافقت عليها حماس والفصائل الوطنية، الأول أن تكون متزامنة لضمان النتائج بقوائم مشتركة على قاعدة المقاومة الشعبية والتخلص من أوسلو وتبعاته.
والثاني، البدء بانتخابات المجلس الوطني بقوائم مشتركة، أما الثالث، في حال إصرار "فتح" على التشريعية فيكون على قاعدة البرامج السياسية والشعب يختار من يُمثله، وفق أبو هلال.
وشدد على أن "إصرار فتح على موقف يعارض الإجماع الفلسطيني يعكس عقلية التفرد والاقصاء التي لا يُمكن أن تستوي مع المصالحة والشراكة".
التطبيع العربي
وحول التطبيع العربي في الآونة الأخيرة، رأى الأمين العام للأحرار، أن هذه التطبيع يحمل عناصر إيجابية أهمها إسقاط الوهم والخداع الذي استمر عشرات السنوات من هذه "الأنظمة الساقطة"، التي تمثل أدوات للاستعمار الإسرائيلي والأمريكي.
وبيّن أن الجميع يعلم العلاقة الحميمية بين هذه الدول المُطبعة والاحتلال والتي تمتد على مدار عشرات السنوات، مستدركاً "لكن السياسة الأمريكية الجديدة أجبرت هذه الأنظمة لإعلان علاقتها غير الشرعية من تحت الطاولة إلى فوقها".
وأضاف أبو هلال أن التطبيع العلني يجعل الشعوب العربية تفهم حقيقة هذه الأنظمة، الذي سيكون بداية سقوطها في دولها، مشدداً على أنه "كشف ظهر شعبنا وطعنه من الخلف".

