فلسطين أون لاين

نائل البرغوثي.. "نجمٌ" يُضيءُ من عتمةِ سجنهِ دروبَ الشباب

...
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

سيرة أقدم الأسرى الفلسطينيين المناضل نائل البرغوثي كانت رفيقة الطفولة لعدد كبير من الشبان الذين تشربوها منذ نعومة أظفارهم، فكان وما زال في نظرهم أيقونة في الصبر والصمود تعلمهم طريق الكفاح من أجل فلسطين حيث يخوض مشوار نضال طويل زاد على أعمار عددٍ كبير منهم.

ويعد الأسير نائل البرغوثي أقدم أسيرٍ فلسطيني في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويُلقب بعميد الأسرى الفلسطينيين، فاعتقل في 1978 ليصدر بحقه حكمٌ بالسجن المؤبد و18 عامًا، وأُفرج عن نائل ضمن صفقة وفاء الأحرار عام 2011، وأُعيد اعتقاله 8 يونيو 2014 فقرر الاحتلال الإسرائيلي إعادة حكمه القديم بالمؤبد.

"نائل البرغوثي هو أيقونة الصبر والصمود الفلسطيني فقد رسم خريطة فلسطين بسنوات شبابه وعمره التي أمضاها خلف القضبان"، هذا ما تستهل به الشابة أنوار هنية حديثها مع صحيفة "فلسطين"، قبل أن تضيف: "لقبه أقرانه الأسرى بأبو النور، ويطلق عليه عميد الأسرى وهو أقدم أسير فلسطيني لأنه قضى زهاء 40 سنة في سجون الاحتلال".

تعرف أنوار عن البرغوثي أنه "قارئ نهم ويجيد اللغتيْن العربية والعبرية وأن تاريخه حافل بالصمود والثورة والصبر والعلم والفهم".

ستروي أنوار -تتابع حديثها- لابنتها حكايته ليبقى اسمه عالقًا في ذاكرتها لتعلم أنه من الأبطال الذين ضحوا بأجمل أعوام عمرهم خلف القضبان لتحرير الوطن، إذ أعاد الاحتلال أسره بعد أن تزوج من الأسيرة المحررة إيمان نافع لكن المحتل الإسرائيلي اختطف استقرارهم وأمنهم وحياتهم.

الشاب علاء عبد الفتاح بدوره يقول: اسم نائل البرغوثي لا يمكن أن يمحى من الذاكرة وصورته مرسومة في المخيلة وعالقة في الأذهان منذ سنوات طويلة وهو يمثل مع رفقاء له داخل زنازين الاحتلال وسجونه عمداء وقدامى الأسرى الفلسطينيين وهو من فاق أعمارنا التي عشناها بالفترة التي قضاها ولا يزال داخل السجون.

يمثل البرغوثي -والحديث لعلاء- "حالة نضالية وكفاحية للمقاوم الفلسطيني الذي يبذل الغالي والنفيس من أجل أن نحيا كرامًا ومن أجل أن تبقى فلسطين حاضرة"، مردفًا: "نائل أفنى سنين عمره وزهرة شبابه خلف قضبان المحتل، فـأربعة عقود ليست رقمًا أو سنوات تُعد بل هي أيام بل ساعات بل أكثر من ذلك ثوانٍ، يتجرع فيها آلامًا وانتهاكًا وعذابًا وفرقةً وحرمانًا ووحدةً وانعزالًا واضطهادًا وقسوة وشدة من قبل المحتل".

ويتابع: "نشعر بالخجل والضعف أننا وقفنا عاجزين أمام سنواته التي تمضي دون أن نوفي له من مكانته وقدره, فهو لا يحتاج من أحد إلى منة أو شكر على ما قدم، لكن الواجب علينا أن نعلي اسم البرغوثي، أن يكون حاضرًا دومًا، فهو أيقونة رحلة صراع مع احتلال مغتصب".

في حين يبين الشاب إبراهيم الحواجري أن الأسير البرغوثي هو جنرال الصمود، فقد أسرته قوات الاحتلال الإسرائيلي سنة 1978 من منزله في قرية "كوبر" تقع شمال غرب رام الله في الضفة الغربية، وكان عمره 19 عامًا.

ويرى أنه يقع "على عاتق الجميع بلا استثناء تقع المسؤولية الأخلاقية لإطلاق حملة فلسطينية وعربية ودولية للضغط على الاحتلال وإلزامه الإفراج عن الأسير البرغوثي، وبقية الأسرى الفلسطينيين من زنازين الاحتلال، وخاصة الأسرى القدامى والمرضى وكبار السن والأطفال والأسيرات الماجدات".

"الحس الوطني"

الشابة حنين خليل من جهتها تقول: إن الحس الوطني الذي يجب أن يكون عند أيِّ شاب فلسطيني يدفعها للقراءة للتعرف إلى "الأسرى النجوم القُدامى" وحياتهم النضالية قبل الأسر.

"نائل البرغوثي إحدى هذه النجوم التي ما زال نضالها ينير عتمة القضية الفلسطينية، كما أنه أقدم أسير فلسطيني، هو لم يكتفِ بكونه نجمًا في فضاء النضال، فكان لهبًا على أعدائه ولُقِّب بأبي اللَّهب، نظرًا لشخصيته النضالية القوية"، تواصل حديثها.

وترى حنين في البرغوثي "شخصيةً شغوفةً بالقراءة، وصاحب ثقافة واسعة".

وعن دور الشباب تقول: "علينا أن نُعيد أمجاد هؤلاء العظماء، ونُشغل المجتمع الفلسطيني بمثل هذه السّيَر العطرة، لنُنتج من وحي القراءة نائلًا آخر بل آخرين".

"إنه رجل بألف!"، هكذا تصف الشابة سلوى أبو عودة البرغوثي، "فقد كان سندًا لإخوته الأسرى".

إسراء العرعير تصف كذلك البرغوثي بأنه "قامة من النضال والجهاد "، مضيفة: "يكفي أنه يقضي السنة الـ41 عامًا في السجن، فنحن نستغرب من صموده وكبريائه وثباته وهو يعطينا دروسًا كثيرة في حياتنا العملية عن كيفية التضحية من أجل فلسطين".

وتتابع: "البرغوثي هو القائل: شهدتُ تغيير هذا الباب مرتين في سنوات اعتقالي، وكان السبب هو تلف الحديد، ولكن معنوياتنا لم تتلف".

وتختم حديثها: "لن يستطيع أي شخص في العالم أن يضحي مثل تضحيات نائل البرغوثي بسنوات عمره داخل سجون الاحتلال".