فلسطين أون لاين

​في نهاية عقدكِ الأول أطال الله عمركِ

...
بقلم / د.زهرة خدرج

كيف ليوم الثالث من أيار أن يمضي دون أن أكتب رسالة تهنئة لنا ثم لصحيفتنا الحبيبة، في ذكرى ميلادها؟!، عرفان ومحبة وتقدير أبثها من أعماقي لصحيفة فلسطين، والعاملين فيها جميعًا دون استثناء، أيًّا كانت المسميات، وقرائها ومحبيها جميعًا، صحيفتنا الحبيبة فلسطين.

أحمد ربي وأشكره أن منَّ عليَّ بالتعرف إلى صحيفتي الحبيبة، فمع منع صدورها في الضفة أنعم الله عليَّ بأن أكون من قرائها وكتَّابها، ويسر لي أن أتعرف إلى بعض العاملين فيها، وتعرفت من طريقها إلى غزتنا الحبيبة، التي اكتشفت أنني وكثيرين من أمثالي كنا مُغيبين عنها، وعن آلامها ومعاناتها وهمومها وبطولات أهلها وصمودهم، في غزة التي تفصلني عنها مسافات أصبح لي أصدقاء وأحبة وأهل، لا تربطني بهم روابط الدم، ولم ألتقِهم، ولم أرهم، ولكن الرابط بيني وبينهم أكبر وأعمق من ذلك.

عرفت أهل غزة في صغري، عندما كنت أرى رجالًا غزيين في قلقيلية يستأجرون منازل مهجورة، وبعضها آيل للسقوط، وأخرى لا تصلح للسكن، ينطلقون قبل بزوغ الفجر يحملون سلات بلاستيكية مشبكة، وينطلقون إلى العمل داخل أراضي الـ(48)، ويعودون للمبيت في المساء في تلك البيوت، كنت أرى الكد والعناء يظهران جليين على وجوههم، ومع ذلك كان الخوف يتملكني عندما أكون في الشارع وأرى أحدهم قادمًا من بعيد، فأهرب حينها إلى البيت بسرعة مغلقة الباب ورائي، ولم أكن أدري تحديدًا لم هذا الخوف.

كبرت، وفي نهاية المرحلة الإعدادية زرت غزة للمرة الأولى، رأيت رمالها، ونخيلها، وعرَّجت على بحرها، كانت شواطئه غير نظيفة. ولكني رأيت الطيبة تتجلى في عيون أهلها، ورأيت فيهم الكرم والشهامة، ودخلت انتفاضة الحجارة، التي أشعلت غزة شرارتها، فكان منها الشهداء والجرحى والأسرى والمهدمة بيوتهم، دفعت غزة في تلك الانتفاضة الضريبة الكبرى، وظهر في غزة الأبطال والقادة والدعاة.

وغابت غزة بين صفحات الزمن ولم أعد أسمع عنها شيئًا، لا أدري أكان السبب انشغالي في تيار الحياة الذي جرفني معه بقوة عاتية، أم أن غزة في تلك الأوقات قد خفت نجمها، ولا أظن أن منجبة الياسين قد يخفت لها نجم، لهذا أرجح السبب الأول.

وجاءت انتخابات عام 2006م للمجلس التشريعي، التي قلبت الموازين وأظهرت الحق وأسقطت الأقنعة الزائفة، وتلاها الانقلاب والانقسام والحصار والحرب، لتبرز غزة بصورة غير نمطية لم نعهد بها أي من الدول العربية التي باتت خانعة للأعداء، وقفت غزة في وجه الاحتلال تقارعه وجهًا لوجه وندًّا لند، وتبتكر الأساليب الجديدة كل يوم في هذه المعركة التي ستوصلنا إلى القدس بإذن الله، وتولد صحيفتنا الحبيبة بعد ذلك بعام واحد، وتنطلق في عالم الإعلام المقاوم بقوة، تجاهد بالكلمة، متابعةُ التطورات والمستجدات ديدنها، والتجديد الصادق طريقتها في العمل.

يشرفني أنني من كتَّاب صحيفة فلسطين وقرائها، أفخر بها، وأنتظر اليوم الذي أراها فيه بضفة العياش، يحملها باعة الصحف يوزعونها على قرائها.

صحيفتي الحبيبة "فلسطين" وقرائي الأحبة شكرًا، ودمتِ بعزٍّ وقوة وتقدم.