فلسطين أون لاين

دلالات كلمة "أبو عبيدة"

عبر التاريخ، كان القوي والواثق من نفسه وقدراته هو من يهدد، فالضعيف لا يهدد، كونه لا يملك قوة تجعله يهدد بها، كنتيجة لضعفه، وظهور أبي عبيدة وتهديده لدولة الاحتلال، ينقل دولة الاحتلال من مرحلة الهجوم والتهديد، إلى مرحلة الدفاع والتفكير في الرد على تهديدات أبي عبيدة، وهنا تتجلى جمالية وروعة المرحلة، بتعامل الاحتلال بردة الفعل، وليس الفعل الذي سبقهم إليه أبو عبيدة بظهوره وتهديده، وتألقه بروح المبادرة.


أبو عبيدة كان واضحا، وصريحا خلال كلمته، من أن كتائب القسام تمهل الاحتلال 24 ساعة، من أجل تلبية شروط الأسرى المضربين عن الطعام، رابطًا كل يوم تأخير عن المدة المحددة بـ 24 ساعة، بزيادة 30 أسيرًا على صفقة التبادل المحتملة، وذلك بهدف تعزيز صمودهم، عبر التهديد العلني للاحتلال، لتنفيذ مطالب الأسرى.


سارع إعلام الاحتلال لإبراز تصريحات أبي عبيدة التي كانت مفاجئة له، وخصصت له برامج ونشرات كاملة للحديث عن الكلمة التي أطلقها الناطق باسم القسام، ولو لم يكن لها تأثير أو لا يتوقع أن يكون لها تأثير، لما اهتم بها الإعلام في كيان الاحتلال، والذي هو انعكاس للجمهور " الاسرائيلي".


كلمة أبي عبيدة، رفعت معنويات الأسرى وذويهم، كونها قوية ولافتة، وان كان الاحتلال لن يستجيب لها بكبسة زر، بل انه كعادته سيماطل ويراوغ وهو ما خبره الشعب الفلسطيني جيدا وقواه الحية، وهو ما يتفهمه الأسرى وذووهم.


لا يملك " نتنياهو" خيارات كثيرة في التعامل مع كلمة أبي عبيدة ومع صفقة التبادل، وكما تعامل مع صفقة وفاء الأحرار 1 صفقة "شاليط"، سيتعامل مع صفقة وفاء الأحرار 2، مكرها لا مخيرا، فمن يملك أوراق القوة، يفرض شروطه دوما.


عامل الوقت يضغط على "نتنياهو" وليس على الأسرى أو قيادة المقاومة، كون التضحيات معروفة ومعلومة مسبقا لمن أراد طريق الحرية والكرامة، فهي ليست على طبق من ذهب، ولكن بالنسبة للاحتلال فالوقت يلعب ضدهم، كونهم لا يحتملون الكثير من ضغط الأعصاب، لأنهم ظلمة وطغاة.


حماس ليست في عجلة من أمرها، فطريق التحرير طويل وشاق وبحاجة لنفس طويل، وتطرق أبو عبيدة لزيادة قوائم الأسرى له دلالات عميقة، من كون الصفقة باتت قريبة، وان الاحتلال هو من سيرضخ، وان الحرب عام 2014 خسر فيها الاحتلال، وعليه دفع ثمن إعادة أسراه، فإن كان الأسرى الأبطال يألمون، فإن الاحتلال أيضا يتألم.


أبو عبيدة استطاع بكلمته، أن يعزز بقوة ويقرب ويقلص وقت معاناة الأسرى المفترض بمواصلة إضرابهم، ويكفي المقاومة الفلسطينية فخرا أنها باتت لها الريادة وصنع الحدث، وحولت معادلة الجيش الذي لا يقهر إلى جيش يقهر، يمكن زعزعته وهزيمته، وجعله يتلقى الضربات متى شاءت المقاومة الفلسطينية.

لا أحد يحب الحرب والصراعات، ولكن من فرضها دوما هو الاحتلال، ومن يقاوم محتلا ظالما، ليس كمن يقوم بقتل وطرد وتهجير شعب مسالم، ويحتل أرضه بقوة السلاح والإرهاب، وغدا سيرحل الاحتلال ومعه كل من سانده، وعندها لا ينفع الندم.