وزير الخارجية السعودية ينفي عقد لقاء بين نتنياهو ومحمد بن سلمان في مدينة نيوم, التي أنشئت قبل سنوات شمال شرق البحر الأحمر، ويؤكد الوزير السعودي أن اللقاء كان بين مسؤولِين أمريكيين وولي العهد محمد بن سلمان، جاء هذا النفي بعد أن تعمّد مسؤولٌ إسرائيليٌ أن يفضح هذا اللقاء لغرضٍ في نفس يعقوب.
النّفي السعودي يعكس الخوف من رد فعل جماهير الأمة العربية والإسلامية لمثل هذه اللقاءات، ويعكس النفي رغبة السعودية في ترتيب العلاقة مع الإسرائيليين بهدوءٍ وسرّيةٍ؛ لذلك فإنّ نفي وزير الخارجية لا يعني عدم انعقاد اللقاء، ولا سيما أن الدلائل كلها تشير إلى أنّ التقارب السعودي الإسرائيلي قد بات حقيقةً؛ فدولة الإمارات والبحرين ما كانت لتجرؤ على التطبيع مع إسرائيل دون رضا السعودية، وعبور الطائرات الإسرائيلية سماء السعودية في طريقها إلى الإمارات ليؤكد ذلك، وقد سبق أن زار الجنرال السعودي أنور عشقي إسرائيل، وكان برفقته عضو اللجنة المركزية جبريل الرجوب، والتقيا مع رئيس جهاز الموساد الإسرائيلي.
اللقاءات التي تمت بين بنيامين نتنياهو وابن سلمان آل سعود كانت تحت رعاية وزير الخارجية الأمريكي، ولها أهدافٌ تتجاوز الحل العادل للقضية الفلسطينية وَفق منطق السعودية، اللقاءات لها علاقةٌ بتطوراتٍ إقليميةٍ، تهدف إلى تعميق التحالف بين إسرائيل وكلٍّ من السعودية والإمارات لمواجهة إيران، العدو المشترك الذي يمثِّل القاسم المشترك للقاء الأطراف الثلاثة في مدينة نيوم السعودية، وما يؤكد هذا التقدير ذاك التقارب السعودي التركي المفاجئ، وكأن السعودية تهدف إلى تحييد تركيا من وراء هذا التقارب، تحسّبًا لتطورات عسكرية لها انعكاساتها الإقليمية.
اللقاءاتُ بين السعوديين والإسرائيليين تنسجم كثيرًا مع لقاءات التنسيق الأمني بين رجال المخابرات الفلسطينية والإسرائيلية، وأزعم أن السعودية قد استحثت السلطة الفلسطينية للعودة إلى التنسيق الأمني كي تجد الذريعة لعقد اللقاءات، وتوقيع التفاهمات مع الإسرائيليين.
تصريح وزير الخارجية السعودي، الذي نفى عقد لقاءٍ بين المسؤولين السعوديين والإسرائيليين لا يختلف كثيرًا عن تصريح عضو اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، الذي نفى مسؤولية التنسيق الأمني عن فشل لقاءات المصالحة، بل حمّل الرجوب مسؤولية الفشل لحركة حماس التي طالبت بانتخابات متزامنة كما قال.
بعد ساعاتٍ من تصريح الرجوب، جاءت تصريحاتُ محمود العالول، نائب رئيس حركة فتح، لتفضح الحقيقة، فقد تحدث العالول عن التوصل لتفاهماتٍ مع إدارة الحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، وأضاف العالول: "إنّ التفاهمات المذكورة تتعلق بالإجراءات الواجب اتخاذها على المستوى السياسي, ومستقبل العلاقات مع إسرائيل".
تصريحات العالول تفسر لكل غافلٍ أسباب العودة السريعة للتنسيق الأمني، وتفسر لنا أسباب فشل المصالحة، وتصل بكل عاقلٍ إلى نتيجةٍ واحدةٍ.
عندما وقفت السلطة الفلسطينية بين خيار التنسيق الأمني مع الإسرائيليين، أو التنسيق الوطني مع التنظيمات الفلسطينية لمواجهة الإسرائيليين، اختارت السلطة التنسيق الأمني، وأدارت الظهر للتنسيق الوطني، لتتناغم بذلك مع سياسة الدول العربية المطبّعة مع العدو الإسرائيلي، على أمل الدخول في مفاوضات ماراثونية لمدة ربع قرنٍ من جديد.
فهل تذوقت التنظيمات الفلسطينية مرارة خذلان القيادة الفلسطينية لتطلّعاتهم في الشراكة؟