رأى محللان سياسيان أنّه لا فرصة لإنجاز المصالحة الفلسطينية مع استمرار "التنسيق الأمني" بين السُّلطة الفلسطينية ممثلة بحركة" فتح"، والاحتلال الإسرائيلي.
وعدّ المحللان في حديثين منفصلين لـ"فلسطين" أنَّ عودة "التنسيق الأمني" قضت على الآمال الأخيرة بإتمام المصالحة، رغم تصريحات بعض قيادات حركة "فتح" التي تهوِّن من تأثير تلك الخطوة على الوضع الداخلي.
وكان أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب قد قال في تصريحات لقناة الميادين الفضائية، مساء أول من أمس، إن الاتصالات مع حركة حماس لم تُجمَّد، ولم يحدث تغيير في مسار المضي بإنهاء الانقسام مع عودة "التنسيق الأمني".
والثلاثاء الماضي، قال وزير الشؤون المدنية في السُّلطة الفلسطينية حسين الشيخ، في تغريدة، إنه "في ضوء الاتصالات الدولية التي أجراها الرئيس محمود عباس (..) سيعود مسار العلاقة مع (إسرائيل) كما كان"، في خطوة قوبلت برفض وتنديد شديدين من مختلف الفصائل الفلسطينية.
عودة متوقعة
المحلل السياسي صلاح حميدة، رأى أنَّ عودة السلطة "للتنسيق الأمني" كانت متوقعة؛ لأنَّ قطع العلاقات كان فقط رد فعل على "صفقة ترامب نتنياهو التصفوية"، مشيرًا إلى أنَّ عددًا كبيرًا من رجال السلطة رأوا في فوز "بايدن" فرصة للعودة للمفاوضات، وارتأوا تقديم مبادرات لأجل تنسيق العلاقات معه.
وقال حميدة: "هناك أخبار رشحت وجود لقاءات بين قيادات السلطة وفريق "بايدن"، لذلك اختارت السُّلطة الاستعجال في العودة السريعة والمفاجِئة للعلاقات مع (إسرائيل) استباقًا لأي اتفاق مصالحة قد يصعب معه النزول عن شجرة "التنسيق الأمني".
وعبَّر عن اعتقاده أنَّ المراقبين لم يكن لديهم تفاؤل بأن تقود جهود المصالحة لأي جديد، لأنَّ المصالحة الحقيقية ليست بين "فتح" و"حماس"، بل المصالحة مع الشعب الفلسطيني، والقبول باختياراته في الانتخابات السابقة.
وأضاف أن "العودة للتنسيق الأمني تعني أنه لن تكون مصالحة بين طرفين أحدهما يريد إلغاء الآخر وحظره، في حين يكرِّس للتناقض في الرؤية السياسية بين الطرفين.
وشدد المحلل السياسي على أنَّ الادعاء أنه لا يوجد تناقض بين المصالحة والتنسيق الأمني أمر غير صحيح، متسائلًا: كيف يمكن الجمع بين العيش تحت رحمة الاحتلال والمظلة الأمنية له وتوحيد الصف الفلسطيني في آن واحد؟".
وحذَّر حميدة من أن ما يجري سيقود لمنزلقات خطرة بخصوص القضية الفلسطينية، معتبرًا أنَّ مَنْ اتخذ قرار عودة التنسيق هي الجهة الوازنة داخل "فتح"، مع وجود فئة لا تزال تشجِّع المصالحة الوطنية وتعتبرها لن تتأثر بهذا التنسيق.
حدوث انتكاسة
بدوره، بيَّن أستاذ العلوم السياسية والإعلام د. كمال علاونة أنَّ "التنسيق الأمني" هو التزام للسلطة بحكم توقيعها على اتفاقيتي "أوسلو" و"باريس الاقتصادية"، حيث جعلتا جميع المنافذ البرية والبحرية بيد الاحتلال.
وقال علاونة: "إنَّ قيادة السُّلطة ومنظمة التحرير لا يمكنها التنقل داخل فلسطين وخارجها دون هذا التنسيق، فالسُّلطة دونه صفر اقتصاديًا وسياسيًا".
وأضاف: "السُّلطة تحتاج إلى التنسيق الأمني للتنقل بين مناطق "أ" و"ب" و"ج" بالضفة الغربية (..) والسُّلطة مرَّت بضائقة مالية منذ إعلانها وقفه، وعجزت عن دفع رواتب موظفيها".
وأشار إلى أنَّ وقف الإدارة الأمريكية مساعداتها ساهم في زيادة العجز المالي للسُّلطة، في حين هناك تحالف عربي مع (إسرائيل) جعلها عرضة للابتزاز من الاحتلال، معتبرًا أن تبعية السُّلطة لـ(إسرائيل) جعلتها على شفا الانهيار الاقتصادي، مع رفضها تسلّم أموال المقاصة.
وذكر علاونة أنه بعد فوز "بايدن" بالانتخابات الأمريكية كان من المؤكد حدوث انتكاسة للمصالحة الفلسطينية، مع تعليق آمال لدى السلطة بعودة العلاقات مع الإدارة الأمريكية، سواء كانت علنية أم سرية، متوقعًا أن تتوقف جهود المصالحة مع وجود مساعٍ أمريكية وعربية لوقفها.
وتساءل المحلل السياسي: كيف يمكن أن تكون مصالحة مع وجود ضغط من السلطة على قطاع غزة وحصاره ماليًا؟
وشدد على أن المصالحة ينبغي أن تقوم على العدالة الاجتماعية والاقتصادية بين غزة والضفة، وأن تقوم السلطة بواجباتها تجاه المواطنين بغزة كما تفعل بالضفة.

