رأى محللان سياسيان، أن قرار السلطة في رام الله العودة للتنسيق الأمني" مع الاحتلال الإسرائيلي سيقضي تمامًا على جهود إنجاز المصالحة الفلسطينية الأخيرة.
وأشار المحللان في تصريحات منفصلة لـ"فلسطين"، إلى أن السلطة لجأت إلى تفعيل الحوار الوطني للحفاظ على وضعها السياسي الذي تزعزع بقطعها للعلاقات مع (إسرائيل)، وتوقف أموال المقاصة.
وكان وزير الشؤون المدنية بالسلطة، حسين الشيخ، أعلن أول من أمس، عودة السلطة للتنسيق الأمني مع (إسرائيل) وتسلم أموال المقاصة بعد ستة أشهر من التوقف.
تضييع للوقت
وشكك المحلل السياسي، تيسير محيسن، في حقيقة قطع العلاقات بين السلطة والاحتلال، مشددًا على أن ذلك "ليس دقيقًا بالمطلق فالأمر لم يصل لحد قطع العلاقات وإنما تحجيمها".
وقال محيسن: "إن رئيس السلطة محمود عباس وفريقه السياسي لا يمكن أن يتخلى عن مساره السياسي الذي وقع عليه قبل ثلاثين عامًا وهو اتفاق أوسلو الذي نص على الشراكة مع الاحتلال".
وأضاف: أن "السلطة فقط كانت منزعجة من تعامل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الملف الفلسطيني، وهي لا تملك أي نية للتحلل من مسار التفاوض حتى لو لم يحقق لها أي شيء من الإنجازات".
وأعرب محيسن عن اعتقاده بأن السلطة كانت تناور بشأن المصالحة الوطنية لقتل الوقت، في انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية.
وذهب المحلل السياسي للقول: "بعد عودة الديمقراطيين للحكم، الذين ترى السلطة أن تعاملهم معها أفضل من ترامب طُوي ملف المصالحة، وعادت للعلاقات مع الاحتلال لأن ذلك يحقق الأهداف الشخصية لعباس وفريقه".
وأشار إلى أن ما تحققه علاقات السلطة بالاحتلال ليس له أي علاقة بالأهداف الوطنية، مشددًا على أن السلطة باتت بعيدة عن الشراكة الوطنية، ولا تسعى البتة لوحدة فلسطينية حقيقية قائمة على إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني.
واعتبر محسن أن السلطة بقيادتها الحالية رهنت كل مسارها السياسي في العلاقة مع الاحتلال وليس على أبناء شعبها.
جنازة المصالحة
ويتفق المحلل السياسي حاتم أبو زايدة مع سابقه، بأن السلطة لم توقف التنسيق الأمني "بل خففت مستواه" كما أكد مسؤولون إسرائيليون مرارًا، مشيرًا إلى أن ما دفعها للتراجع عن تصريحاتها السابقة ضد (إسرائيل) هو مرورها بضائقة مالية.
وقال أبو زايدة: "قيادات السلطة تعودت على الرواتب العالية والنثريات ولن تتخلى عنها لأجل موقف سياسي، فلم يكن أمامها سوى العودة للعلاقة مع (إسرائيل) فهي ليس لديها القدرة على التضحية من أجل الوطن".
وأشار إلى أن فوز الديمقراطيين في الانتخابات الأمريكية وإرسالهم رسائل للسلطة من خلال وسطاء حول العودة لمسار التفاوض هو ما دفع السلطة لقرار إعادة العلاقة مع الاحتلال، وذلك لتهيئة الأرضية لعودة العلاقات مع الولايات المتحدة.
ورأى المحلل السياسي أن السلطة تناور في موضوع المصالحة الفلسطينية، حيث إنها عادت للحديث عن المصالحة في سبتمبر الماضي لأنها كانت في ضائقة استراتيجية بسبب أزمتها المالية وعدم وجود أفق سياسي.
وأضاف أبو زايدة: "لكنها لم تخطُ أي خطوة حقيقية باتجاه المصالحة من قبيل فك الحصار عن غزة أو إعادة رواتب الشهداء والأسرى وغيرها، فكل الأمر كان مجرد حديث إعلامي يفتقد للجدية".
وعدَّ قرار عودة التنسيق إعلانًا واضحًا من السلطة بانتهاء المصالحة الفلسطينية، وهي ليست صاحبة قرار وهي تخضع للاحتلال، وهذا "الإعلان هو إعلان رسمي عن جنازة المصالحة وسيدفع الناس لئلا يؤمنوا بأكذوبة المصالحة مجددًا".