أعراض عدة كالتعرق الشديد، والعطش المستمر، والذهاب إلى الحمام كل نصف ساعة تقريبًا، لم يكترث لها لسنوات فتمكن المرض من خلاياه، حتى وقع أرضًا مغشيًا عليه أمام طلابه في أثناء إلقائه محاضرة دراسية، واعتقد من حوله أنه أصيب بانخفاض في ضغط الدم.
أحضروا له مشروبا غازيا فزاد ذلك الطين بلة، ارتفع منسوب الإرهاق والتعب حتى أن الرؤية أمامه صارت ضبابية فاستدعاه الأمر للعودة إلى البيت ليحظى بقسط من الراحة على أن يذهب في اليوم التالي للطبيب ليطمئن على صحته.
حمل عمران جابر (39 عامًا) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، جسده المتثاقل من التعب إلى إحدى العيادات لإجراء العديد من الفحوصات الطبية، وبعد الاطلاع على النتائج سأله الطبيب المعالج: عند أي طبيب تتابع السكري؟ تلجم لسانه عن الكلام ثم رد عليه: "أنا مش مريض سكري؟ كيف منسوب السكر في الدم 650."
كانت الصدمة، وذهول وإحباط أصابه، وتصورات لا أصل لها خطرت بباله، وحالة من اليأس ولدت لديه شعور كأن عمره تجاوز الـ90 عامًا وينتظر الموت، وللتأكيد طلب منه إجراء تحليل لمستوى مخزون السكر، هنا أثبتت نتيجة إصابته بداء السكري.
بدأ يدور على الأطباء لمتابعة حالته الصحية، وبعد تحاليل متكررة وفحوصات، أصبح ملتزما بعلاج لتنظيم السكر، ولكن لم يشعر بأي فارق، فعندما يخرج من بيته إلى عمله يقطع طريقه لاستئذان أحد المحلات التجارية الدخول إلى دورة المياه.
ويقول جابر لصحيفة "فلسطين": "تقبلت فكرة المرض، ولكن أثره النفسي كان صعبًا للغاية، فقبل دخولي للمحاضرة أذهب لدورة المياه، ولكن كنت في منتصفها أذهب إليه مرة أخرى، وكذلك بعد انتهائها، حرمت من الخروج مع زوجتي وعائلتي، لهذا السبب، فالأمر مرهق".
لم يطرأ أي تغيير على معدلات السكر في الدم، فهي مرتفعة كعادتها، وكل مرة يشتكي بذلك للطبيب يخبره بأنه سيشعر بتحسن مع مرور الوقت، مضيفًا: "انتهى بي المطاف بالأنسولين وهو خيار كنت أتمنى ألا أصل إليه".
ومنذ 2009 كانت بداية معاناته مع مرض السكري وآثاره النفسية والاجتماعية والمالية، كزيادة حدة أعراض الاكتئاب، وألم في المفاصل، وبروز الكرش وزيادة الوزن لـ100 كيلو جرام، ومعاناة مع القولون العصبي بصورة لا يتصورها عقل فلا يمكن له تناول الطعام المحبب له.
وفي أثناء تصفحه موقع فيسبوك قرأ منشورا لصديقه يوضح فيه كيف هزم ذلك المرض، فتواصل معه على الفور علها تنتهي معاناته، وأخبره أن أهم شيء هو الامتناع عن تناول الخبز، فشهق جابر ورد عليه: "لو طلبت مني أن ألقي نفسي عن الطابق السابع أهون مما تطلبه مني، فكيف سأتناول البامية والملوخية؟ فقال له صديقه: إذا كنت لا تصبر على عدم تناول الخبز فكيف ستتحمل الجلوس على كرسي متحرك لو تأزم الأمر معك؟".
هنا نطق لسانه: "عزمت وتوكلت على الله" واعتمد نظاما غذائيا قائما على الخضار والفواكه، وبعد أسبوعين من الامتناع عن الخبز، وجد الاختلاف الجذري الذي لم يصل إليه بتناول الأدوية حيث انخفاض مستوى السكر من 400 و600 إلى 140 و160، وخفت حدة الأعراض، كما يقول.
عاد إنسانًا طبيعيًا وتغيرت الحياة فبدلًا من ارتداء ملابسه بمقاس "ثلاث إكسات لارج"، أصبح "لارج"، ويرتدي الجينز بحرية، موجهًا نصيحة لمرضى السكري في اليوم العالمي له الذي وافق 14 من الشهر الجاري: "علاجك بإيدك، فالسكري يحتاج إلى نظام غذائي وحياتي، وإرادة وعزيمة".