الرجل الذي أرعب الكيان الصهيوني وهو مهندس صفقة وفاء الأحرار.
أ. وُلد الشهيد القائد/ أحمد الجعبري عام 1960م في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وكانت عائلته قد انتقلت مطلع القرن العشرين من مدينة الخليل في الضفة الغربية إلى قطاع غزة، وكان أبًا لعشرة أبناء، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس في التاريخ الإسلامي من الجامعة الإسلامية بغزة، ويجيد اللغة العبرية بطلاقة، بدأ الجعبري حياته الجهادية في مقاومة الاحتلال في صفوف حركة فتح، حيثُ اعتقل عام 1982م بتهمة الانخراط في مجموعات عسكرية تابعة لحركة فتح، كانت قد خطَّطت لعملية فدائية، وحكم عليه آنذاك بالسجن 13 سنة، وخلال وجوده في السجن أنهى الجعبري علاقته بحركة فتح، وانتمى لحركة حماس بعد تعرُّفه على القادة الشهداء الشيخ أحمد ياسين، ود. عبد العزيز الرنتيسي، ود. إبراهيم المقادمة.
ب. في عام 1995م خرج من السجن، وانخرط في العمل التنظيمي لحركة حماس، وانتخب فيما بعد عضوًا في المكتب السياسي للحركة، ثم تولى المسؤولية عن (دائرة شؤون الأسرى والمحررين)، وقد توثَّقت علاقة الجعبري بالقائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف، وكان ثالثَ ثلاثة في المجلس العسكري لكتائب القسام لحين اغتيال الكيان الصهيوني للشهيد القائد/ صلاح شحادة في 22/7/2002م، وقد تولى الجعبري قيادة لواء غزة، وبرز دوره العسكري في حرب 2008، 2009م، وأطلقت عليه إسرائيل لقب (الشَّبَح)؛ بسبب عجز قوات الاحتلال عن اغتياله، أو الإمساك به في أثناء العدوان، وهو الذي أشرف بنفسه على أَسْرِ شاليط في 25/6/2006م خلال عملية (الوهم المتبدد)، وظل في عهدته ما يزيد على 5 سنوات، لم يستطِع الكيان الصهيوني خلالها العثور على أي معلومات تُفضي إليه، وقد تعرَّض الجعبري لعدة محاولات اختطاف، وكان أبرزها سنة 2008م من أجل الضغط على حماس لإطلاق سراح جلعاد شاليط آنذاك، كما تعرض الجعبري لعدة محاولات اغتيال من قبل الكيان الصهيوني، أهمُّها سنة 2000م؛ حيثُ استشهد ابنه البكر محمد، وشقيقاه، وثلاثة من أقربائه، وأصيب هو بإصابات طفيفة باستهداف طائرات الاحتلال الحربية لمنزله في حي الشجاعية بغزة.
ج. عمل على تطوير إمكانات الكتائب، وتحويلها من نظام المجموعات إلى ما يشبه جيشًا نظاميًا، يقدر عدده بـ20 ألف مقاتل في حينه.
وكان الجعبري هو الرجلَ المحوريَّ في إنجاز صفقة وفاء الأحرار، وتُعَدُّ هذه الصفقة هي الأبرزَ والأكبرَ في تاريخ الفلسطينيين خلال العقد الأخير من الصراع مع الاحتلال؛ حيث تحرر بموجبها 1047 أسيرًا.
وكان الجعبري قد اعتُقل من قِبل جهاز الأمن الوقائي عام 1998م مدة عامين بتهمة علاقته بكتائب القسام.
د. مساء يوم 14/11/2012م اغتال الاحتلال الصهيوني القائد أحمد الجعبري بغارة جوية، حيث استهدفت سيارته بالقرب من مستشفى الخدمة العامة بمدينة غزة أدى إلى استشهاده هو ومرافقه محمد الهمص، وذلك بعد أسبوع فقط من عودته من مكة المكرمة؛ حيث كان قد أدى مناسك الحج والعمرة، وَنَعَتْهُ كتائب القسام بأنه رئيس أركان المقاومة في فلسطين، وأحد أبرز قادة كتائب الشهيد عزِّ الدين القسام.
2. من أبرز تصريحات الجعبري رحمه الله:
ما دام الصهاينة يحتلون أرضنا؛ فليس لهم سوى الموت، أو الرحيل من الأرض الفلسطينية المحتلة.
3. صاروخ باسم (الجعبري):
وهو صاروخ قسامي مطوَّر، يبلغ مداه 80 كيلومترًا، صنعته الكتائب المظفرة، وقد استخدمته لأول مرةٍ في صّدِّ العدوان الصهيوني في رمضان 1435ه تموز 2014م في معركة العصف المأكول.
4. تسليم شاليط واستقبال الأسرى:
تولى الجعبري قيادة المفاوضات غير المباشرة؛ لإتمام صفقة وفاء الأحرار، وتُّوجت بحمد الله بالإفراج عن 1047 أسيرًا فلسطينيًا وعربيًا، وذلك في 18/10/2011م، وقد سلَّم الجعبريُّ الجنديَّ الصهيونيَّ جلعاد شاليط إلى الوسيط المصري في ظروف أمنية معقدة، لم يسبق لها مثيل من قبل القسام، لقد ارتبطت صورة الجعبري لدى الوعي الصهيوني العام، وهو يجرُّ الجنديَّ الصهيونيَّ جلعاد شاليط في صورة مزدوجة تربط بين القوة والكبرياء من ناحية، وبين الإنسانية من ناحية أخرى، فأراد نتنياهو بحقده قتل هذه الصورة باغتيال الجعبري رحمه الله، فكان الردُّ الذي لم يتوقعه أحد، كانت هذه الصورة تعبِّر عن فرحة بقية السجناء بالفرج القريب كما تعبِّر عن نكسة لدى الجندي الصهيوني الذي يُؤمر بفتح باب السجن ليتحرر الأسير الفلسطيني رغمًا عن أنفه، والأنكى من ذلك في حق العدو أن السجان الصهيوني كان يفاوض السجين الفلسطيني نِدًّا لِنِدٍّ في عزة وافتخار وانتصار.
5. الأسيرة أحلام التميمي تصف اللقاء:
وعن لحظة اللقاء تقول الأسيرة أحلام التميمي: " لقد استقبلنا القائد أبو محمد الجعبري بدموعه، وبدأ يحتضن الأسرى واحدًا تلو الآخر حتى وصل إليَّ ووقف أمامي وهو يبكي، ويقول: الآن تحقَّق حلمي يا أحلام بخروجك من السجن، أنا سألقى ربي وأنا مرتاح".
3. تقول زوجة الشهيد أحمد الجعبري أم محمد:
في يوم الأربعاء 14 نوفمبر 2012 عصرًا علمنا بخبر استهداف طائرات الاحتلال الصهيوني لسيارة تعود لزوجي، وكان معه مرافقه الشخصي محمد الهمص، كان الاستهداف مباشرًا بطائرة حربية، وقد أدى ذلك القصف إلى استشهاده، وقد نُقل إلى المستشفى وبه رمق من الحياة والوعي، ثم صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها، أما مرافقه فقد استحال جسده أشلاءً.
وتُكمل أم محمد: قبل بدء العدوان بأيام قلائل طلبتُ منه ألَّا يخرج من البيت خوفًا عليه من الاغتيال، فتبسم ضاحكًا من قولها، وقال: "إذا استشهدت فأنا في نعمة عظيمة بهذه الشهادة في هذا الوقت"، وكان يسأل الله عز وجل في الحج أن يختم أعماله بشهادة في سبيل الله، كان هذا دعاءَه في يوم عرفة، وفعلًا تحقَّق ما كان يرجوه، فقدِ اصطفاه الله -عزَّ وجلَّ-، وفي لحظة وداعه رأيتُه يرفع السبابة، ويمسك المصحف الصغير بيده، رأيته يفتح عينيه ويبتسم، وقال لي: "الله يرضى عنكِ"، كانت هذه آخرَ كلمات سمعتها منه قبل أن تفيض روحه.
سلامٌ عليك يا أبا محمد في الأولين والآخرين وإلى أن نلقاك في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.