انطلقت جولة جديدة من الحوار الليبي في تونس بمشاركة 75 ممثلا عن الأطراف الليبية، الاثنين، برعاية الأمم المتحدة التي أبدت تفاؤلا بالوصول إلى توافقات حول خارطة طريق تنهي حوالي 10 سنوات من الفوضى في البلاد.
وعبرت الأمم المتحدة عن "تفاؤل" بينما وصف الرئيس التونسي قيس سعيد المحادثات في بلاده بانها "تاريخية".
ويشارك في الحوار 75 شخصا اختارتهم الأمم المتحدة لتمثيل النسيج السياسي والعسكري والاجتماعي للبلاد، بعدما تعهدوا بعدم المشاركة في الحكومة المرتقبة التي سيقع على عاتقها التصدي لأزمة مالية حادة وجائحة كوفيد-19 التي أوقعت أكثر من 900 قتيل وأثقلت كاهل القطاع الصحي الليبي المنهك.
وترمي المحادثات السياسية التي تندرج في إطار عملية متعددة المسارات تشمل المفاوضات العسكرية والاقتصادية، إلى توحيد البلاد تحت سلطة حكومة واحدة وتمهيد الطريق أمام إجراء انتخابات.
محادثات "تاريخية"
وقال الرئيس التونسي في كلمة افتتاح المؤتمر الذي يقام في منطقة قمرت في الضاحية الشمالية للعاصمة تونس إنها "لحظة تاريخية وموعد مع التاريخ".
وأكد سعيد أن التوافق يمكن أن يتحقق "حين لا تتدخل قوى من الخارج".
كما قدم سعيد مقترحات تتمثل في "التزام من يقود المرحلة الانتقالية بعدم الترشح" و"وضع دستور مؤقت" و"مواعيد انتخابية قادمة".
وشدد سعيد على أن "تكون ليبيا موحدة" لأن "التقسيم خطر على المنطقة وسيكون مقدمة مقنعة لتقسيم دول مجاورة أخرى".
ويأتي "ملتقى الحوار السياسي الليبي" بعد فترة هدوء نسبي دامت أشهرا في البلاد الغارقة في الفوضى منذ إطاحة الديكتاتور معمر القذافي في العام 2011.
آمال أممية
وغرد المبعوث الأسبق الأممي إلى ليبيا، غسان سلامه، على تويتر "بعد التقدم الكبير الذي تحقق في المسارين العسكري والاقتصادي، يلتقي الليبيون اليوم للبدء بحوارهم السياسي. دعت البعثة 75 منهم فجاءوا ولم يتخلف أحد".
وأضاف "آمل ان يتحلوا بالإقدام والحكمة فتجتمع كلمتهم على طي صفحة التقاتل وعلى ولوج درب استقرار بلادهم وازدهارها، وكلي ثقة بأنهم على ذلك مقبلون".
والشهر الماضي وقّع طرفا النزاع في ليبيا "اتّفاقاً دائماً لوقف إطلاق النار" بـ"مفعول فوري"، مهّد الطريق أمام استئناف تصدير الإنتاج النفطي الليبي وشكّل تقدّما على خط إنهاء الأزمة السياسية المستمرة منذ سنوات.
وتنتشر في ليبيا فصائل مسلّحة عدة تنقسم بين معسكرين رئيسيين: حكومة الوحدة الوطنية ومقرّها العاصمة طرابلس، وسلطة موازية في الشرق يدعمها المشير النافذ خليفة حفتر.
من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش في كلمة مسجلة "هناك فرصة لإنهاء الصراع" وأن "ترسموا مستقبل ليبيا".
وقد أبدت رئيسة بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز الأحد تفاؤلها بإمكان تحقيق نتائج إيجابية في المحادثات.
وقالت وليامز للصحافيين في تونس "إنها فرصة فريدة. لقد تم إحراز تقدّم كبير".
ويشارك 26 نائبا تم انتخابهم من قبل البرلمانين ووجهت الأمم المتحدة الدعوة الى 49 آخرين.
مخاوف في الداخل
والهدف من المحادثات هو انتخاب مجلس رئاسي من الأعضاء الثلاثة الممثلين عن الشرق والغرب والجنوب وهي المناطق الكبرى في ليبيا وكذلك انتخاب رئيس حكومة ليشكل فريقا وزاريا يخضع بدوره للتمثيلية المناطقية.
وفيما ترى بعض وسائل الإعلام الليبية بأن الحوار السياسي هو فرصة "أخيرة وتاريخية" لإنهاء الانقسام والفوضى السائدة في ليبيا منذ نحو 10 أعوام، يرى بعضها الآخر أن الحوار بمحاولته إعادة رسم مرحلة انتقالية جديدة، لا تقوم على خيار الانتخابات المباشر، سوف يطيل أمد الأزمة ويفتح باب الصراع أمام تكرار مشهد الصدام العسكري بين الأطراف المتنافسة على السلطة.
والحوار الليبي "يغذي آمال كبيرة ولكن أيضا اخفاقات كبيرة" وفقا لتلفزيون ليبي خاص.
ويعبر الليبيون عن أمل ومخاوف في ذات الوقت ويقول ليبي بمدينة طرابلس مالك عبد الله "لا اعتقد بأن ما يجري في تونس سوف يغير اي شيء في واقع الليبيين طالما ان الحلول لمشاكلهم تأتي من الخارج و طالما القوي الخارجية هي التي تتخذ القرارات بدلا عن الليبيين انفسهم".
وشنّت قوات حفتر المدعومة من روسيا والإمارات في أبريل 2019 هجوما للسيطرة على طرابلس، ما نسف جولة محادثات برعاية أممية كانت مقررة في وقت سابق.
لكن قوات حفتر وبعد تحقيقها مكاسب ميدانية، توقّف زحفها عند تخوم طرابلس حيث صدّتها قوات موالية لحكومة الوفاق.
وفي يونيو، شنّت القوات الموالية لحكومة الوفاق هجوما مضادا أجبر قوات حفتر على التراجع إلى مدينة سرت الساحلية.