فلسطين أون لاين

تقرير 103 أعوام على "وعد بلفور" والقدس تدفع الثمن الأكبر

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة-غزة/ جمال غيث

مع مُضي 103 أعوام على وعد بلفور لم تدخر سلطات الاحتلال الإسرائيلي جهدا للسيطرة على مدينة القدس المحتلة وتغيير معالمها العربية الفلسطينية بهدف تهويدها.

فمنذ ذلك الحين لا تزال المدينة المحتلة تدفع الثمن الأكبر، إذ يحاول الاحتلال بشتى الوسائل والطرق إخضاعها لسيطرته، وإحكام قبضته على سكانها.

وقد استخدم لأجل ذلك الكثير من الوسائل والأساليب، وقام بالعديد من الإجراءات ضد المدينة وسكانها، كتهجيرهم واعتقالهم وسلب ممتلكاتهم وفرض قرارات وقوانين عنصرية خدمةً لأغراضه في المنطقة.

وقد وافق أمس، الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني، الذكرى الـ103 لوعد بلفور المشؤوم، الذي أعطته حكومة بريطانيا لليهود، لإقامة وطن قومي لهم على أرض فلسطين، دون أن تملك الحق في ذلك، في أكبر عملية احتيال سياسي وسرقة في العالم، قام فيها من لا يملك بتمكين من لا يستحق.

ووعد بلفور يمثل الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور، وزير خارجية بريطانيا، في 2 نوفمبر 1917، إلى اللورد اليهودي ليونيل والتر دي روتشيلد، يشير فيها لتأييد حكومة بريطانيا لإنشاء "وطن قومي لليهود" في فلسطين.

مخططات استعمارية

وأوضح مدير مركز القدس الدولي حسن خاطر أن وعد بلفور كان ثمن مخططات استعمارية ضيعت الأراضي الفلسطينية "ما زلنا نعيش آثاره المشؤومة إلى اليوم".

وقال خاطر لصحيفة "فلسطين"، لم يتبقَّ من مساحة مدينة القدس سوى 10% لصالح المقدسيين، مضيفا أن الاحتلال قضم المدينة المقدسة بالكامل، ولم يُبقِ منها إلا الهيكل العظمي كالمباني والمبنية المتبقية التي يسكنها المقدسيون.

وتابع أنه لم يُبقِ للمقدسيين في المدينة المقدسة إلا موضع أقدامهم، بسبب إجراءات الاحتلال الهادفة لتضييق الخناق عليهم وسلب أراضيهم وممتلكاتهم، مؤكدًا أنه يحاول سلب ما تبقى من المدينة المقدسة لإقامة مشاريع استيطانية وتوسعة المستوطنات.

وبين خاطر أن الاحتلال يسعى لسلب المساحات الضيفة في القدس وطرد العائلات منها لصالح المستوطنين بزعم عدم الترخيص، مؤكدا أن الاحتلال لم يتوقف ولو للحظة منذ احتلال الأراضي الفلسطينية عن عمليات سلب الأراضي الفلسطينية.

ولفت إلى إخطار الاحتلال نحو 20 ألف منزل مقدسي -ثلث المباني العربية بمدينة القدس- وأن المقدسيين يعيشون رعبا حقيقيا وخشية من هدم منازلهم في أي لحظة.

وبحسب خاطر، لا يزال نحو 350 ألف مقدسي يعيشون في القسم الشرقي بمدينة القدس، منهم نحو 150 ألف مقدسي يعيشون في بلدات مقدسية خارج جدار الفصل العنصري مثل "كفر عقب" و"شعفاط" و"عناتا" و"الرام"؛ للاحتفاظ بهويتهم المقدسية، منبها إلى أنهم مهددون بسحب هوياتهم في أي وقت، بقرار سريع من سلطات الاحتلال.

وأشار إلى أن الاحتلال يضع شروطا معقدة في وجه المقدسيين للحصول على الهوية المقدسية، كسحب هوياتهم في حال غابوا عن المدينة فترة من الزمن أو عدم تسديدهم فواتير المياه أو الكهرباء، داعيا إلى مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية في المدينة المقدسة على الصعيد المحلي والدولي.

محاولات فاشلة

من جهته أكد رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد ناصر الهدمي، أن سلطات الاحتلال ماضية في تنفيذ مخططاتها التهويد بالمدينة المقدسة وتغيير معالمها التاريخية خدمة لأغراضها الاستعمارية في المنطقة بمساعدة دولية.

وقال الهدمي لـ"فلسطين": إن الشعب الفلسطيني في القدس يدفع الثمن الأكبر، وهو يواجه أبشع عملية تطهير عرقي، مؤكدا أن الاحتلال يواصل الإعلان عن خطط ومشاريع استيطانية لتفريغ المنطقة من سكانها الأصليين، تنفيذا للمؤامرات الدولية وعلى رأسها وعد بلفور المشؤوم.

وحث على التحرك الواسع على المستويين القانوني والشعبي للضغط على الحكومة البريطانية، من أجل تصحيح الخطأ وتمكين الشعب الفلسطيني من تحديد مصيره.

وبين أن محاولات الاحتلال لم تتوقف طوال السنوات الماضية لإثبات أحقيته في المنطقة وخاصة في القدس المحتلة، مؤكدا أن بعثات الحفريات التي وصلت إلى الأراضي الفلسطينية على مدار التاريخ أثبتت أن لا وجود للاحتلال في المنطقة؛ ما دفعه لتزييف التاريخ وتهجير سكانها الأصليين ومواصلة حفرياته.

وأضاف أن الاحتلال لا يزال يمارس الحفريات في المدينة المقدسة وتهجير سكانها واستبدالهم بمستوطنين في محاولة لتغيير معالمها خدمةً لأغراضه، لكنه لم ولن ينجح في ذلك رغم الجرائم التي يرتكبها بحق المقدسيين، مشددا على أنه رغم مضي 103 أعوام على وعد بلفور لم يستطع إثبات أحقيته بالمنطقة.

وأشار إلى أن الاحتلال عمد إلى مصادرة الممتلكات وتخطيط المدينة، ومنع المقدسيين من تطوير حياتهم وبنائها بالشكل المنظم، ورفَض إعطاءهم تراخيص البناء، وضيّق الخناق عليهم لتهجيرهم من أرضهم.

وعمد الاحتلال، وفق الهدمي، إلى تغيير معالم المدينة المقدسة كتغيير أسماء الشوارع والحارات العربية بأسماء يهودية، إلى أن تجرأ لتغيير اسم باب العمود في القدس باسم مجندتين إسرائيليتين قتلتا في المكان خلال ممارستهما جرائمهما بحق المقدسيين.

ولا يقتصر الحال عند هذا الحد، بل عمد الاحتلال إلى تهويد التعليم، وابتزاز المدارس، ومحاولة فرض المنهاج الإسرائيلي على المدارس الفلسطينية وإغلاق بعضها، إلى جانب إغلاق مقرات وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في المدينة المقدسة، وفق الهدمي.

ودعا رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، الفلسطينيين إلى الوحدة لوقف الجرائم الإسرائيلية في القدس، والتوجه لكل المحافل الدولية لفض جرائم الاحتلال المرتكبة والمخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية.