فلسطين أون لاين

حواجز إسمنتية تغلق الشوارع لكنها لا تمنع تنقل المواطنين

تقرير عزل الأحياء بغزة لن يحول دون انتشار "كورونا" بقدر الالتزام بالإجراءات الوقائية

...
صورة أرشيفية
غزة/ أدهم الشريف

شكّل لجوء الجهات الرسمية في غزة إلى إغلاق الأحياء ذات الأعداد الكبيرة من الإصابات بفيروس "كورونا"، خطوة جادة لعزلها ومنع تفشي الوباء أكثر بين أهالي القطاع البالغ تعدادهم أزيد من مليوني نسمة يقطنون مساحة لا تتعدى 365 كيلومترًا مربعًا، محاصرة برًا وبحرًا وجوًا.

وشوهد في عدة أحياء متفرقة بمحافظات قطاع غزة الخمس، كتل اسمنتية أغلقت بسببها شوارع رئيسة بقرار رسمي ضمن الإجراءات الوقائية المتبعة. لكن هل نجح ذلك في منع تفشي الفيروس، والحد من عدد الإصابات المتصاعد يوميًا؟

التزام بالإجراءات

في حي الشيخ رضوان الذي يعد منطقة مركزية لاحتوائه أسواقًا تجارية هامة على مستوى مدينة غزة، أصبح الوضع بسبب "كورونا" مغايرًا لما قبله تمامًا، إذ أغلقت الأجهزة الأمنية أجزاءً واسعة منه وحاصرتها بالكتل الاسمنتية، وحالت دون تنقل المركبات.

لكن هذه الكتل لم تمنع تنقل المواطنين الذين يخضعون لتنظيم من أفراد الشرطة المنتشرين بكثافة في الحي المكتظ سكانيًا ويصل عدد إصاباته بـ"كورونا"، 633 إصابة، وفق معطيات أوردتها وزارة الصحة، أمس.

وعندما شاهد محمد شحادة، من سكان الحي، وهو ضمن المنطقة المصنفة حمراء، تنقُل المواطنين بين أروقة وشوارع المنطقة المصنفة حمراء والمغلقة، حرص جيدًا على ارتداء الكمامة وتبديلها باستمرار ومضاعفة استخدام المعقمات ومنع خروج أبنائه إلى الشوارع.

وأضاف شحادة لـ"فلسطين": لا يعقل استمرار خروج المواطنين من منازلهم إلى الشوارع بهذا الشكل، وتنقلهم عبر الحواجز، وأبدى قلقه الشديد من الأعداد الكبيرة للإصابات في الحي المكتظ سكانيًا.

ويثير تنقل المواطنين بكثافة في المنطقة الحمراء أيضًا مخاوف "محمود"، كما أحب التعريف عن نفسه. وقال إنه يحرص على الخروج من بيته مرة واحدة منذ إغلاق أجزاء في حي الرضوان، لجلب احتياجات عائلته كاملة.

ويعتقد محمود، وفق ما قاله لـ"فلسطين"، أن حالة الإغلاق الحاصلة لبعض المناطق والإجراءات على الأرض لن تقي المواطنين شر جائحة "كورونا" بقدر التزامهم بالإجراءات الوقائية والحفاظ على ارتداء كمامة الوجه والقفازات والتباعد الاجتماعي بقدر الإمكان، وتنفيذ القرارات الصادرة عن الجهات المسؤولة حفاظًا على حياتهم.

وبات من الطبيعي أن تشاهد في الشيخ رضوان أثناء سيرك في شوارعه، أفرادًا من جهاز الشرطة يجلسون أمام بوابات منازل تخضع للحجر الصحي الإلزامي بعد اكتشاف إصابة شخص أو أكثر منها بـ"كورونا"، ويجعل هذا المشهد العديد من المواطنين في غاية الحذر، لكن آخرين لا يلقون بالاً لذلك.

انتقال الفيروس

ورصد مراسل "فلسطين"، تجاوز أصحاب بقالات وبعض المحال التجارية، قرار الحظر في المنطقة المصنفة حمراء، وفتح جزء صغير من أبواب محالهم وإدخال أعداد من المشترين، وعندما تقترب دوريات الشرطة المسيرة في المنطقة يلجأ صاحب المحل إلى إغلاقه على من فيه إلى حين ابتعاد الدورية، وهو ما يثير المخاوف من امكانية انتقال الفيروس في هكذا ظروف لو كان أحدهم مصابًا.

وفي محافظة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، وتحديدًا في حي الأمل، يقول علي صالح من سكان الحي: إن بعض المناطق أصبحت مغلقة تمامًا، ومحاطة بالكامل بشريط أصفر يميزها أنها منطقة موبوءة، ويمنع الدخول إليها أو الخروج منها إطلاقًا.

لكن كل هذا لم يدفع العديد من المواطنين في المناطق القريبة من المكان الموبوء، كما يقول صالح لـ"فلسطين"، للالتزام الجدي بإجراءات الوقاية والسلامة، ليس ذلك فحسب، بل إن البعض يسخر ممن يلتزمون بهذه الإجراءات التي تقيهم من المرض وتبعاته الخطيرة.

وأضاف: تعرضت شخصيًا للسخرية من أشخاص أعرفهم لا يمنحون الأمر أي اهتمام، وهذا بالتأكيد سيؤثر عليهم وعائلاتهم مستقبلاً، وحتمًا سيصلهم المرض.

خطورة كبيرة

بدوره، قال أستاذ علم الجراثيم في الجامعة الإسلامية بغزة الدكتور عبد الرؤوف المناعمة: إن إجراءات مكافحة العدوى ضد "كورونا"، لن تكون قادرة على منع انتقال المرض بشكل مطلق أو بنسبة تصل 100 بالمئة.

وفي اتصال هاتفي مع "فلسطين"، قال المناعمة إن الإجراءات الوقائية محليًا وعالميًا، تعدّ محاولة لتقليل وإبطاء سرعة انتشار الفيروس.

وأكمل: هناك فئة من المجتمع تحاول كسر القيود والإجراءات وهي تشكل خطورة كبيرة، متوقعًا أن تسبب هذه الفئة زيادة في عدد الإصابات داخل المجتمع.

وعدَّ أستاذ علم الجراثيم في الجامعة الإسلامية، إصرار المواطنين على التنقل في المناطق الحمراء، مخاطرة كبيرة على أنفسهم وذويهم والمجتمع كاملاً.

واستدرك، أن أي جهود مهما بلغت من الدقة والحرفية إذا تم اختراقها من المواطنين لن يكون لها أي قيمة، وسيزداد انتشار الفيروس، وأول من سيتأثر بهذا الانتشار هم عائلات الأشخاص الذين لم يأخذوا بالأسباب.