من المقرر أن يصوت الأمريكيون يوم غد الثلاثاء لانتخاب ممثليهم في المجمعات الانتخابية، فما هو المجمع الانتخابي؟ وأين تكمن مصلحتنا كفلسطينيين من بين المرشحين؟
أولًا: المجمع الانتخابي في الولايات المتحدة.
المجمع الانتخابي هو هيئة يتم انتخابها بشكل مباشر من قبل الشعب الأمريكي من أجل انتخاب الرئيس الأمريكي ونائبه، ويتكون المجمع الانتخابي من 538 مندوبًا ودلالة الرقم هنا مرتبطة بمجموع نواب الكونغرس الأمريكي بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ويفوز الرئيس ونائبه بالانتخابات الأمريكية عندما يحصل على 270 صوتًا من المجمع الانتخابي.
تحصل كل ولاية على عدد مندوبين في المجمع الانتخابي وفقًا لتعداد سكانها، ومن الأشياء الغريبة في النظام الانتخابي الأمريكي أن المرشح الذي يحصل داخل المجمع الانتخابي على نسبة 50+1 يحصد باقي الأصوات من خصمه داخل الولاية، وهذا النظام يطبق في جميع الولايات المتحدة باستثناء ولايتين تعتمدان مبدأ النسبية وهما: نبراسكا وماين.
يتم انتخاب المجمع الانتخابي في أول يوم ثلاثاء من شهر نوفمبر، وينتخب المجمع الانتخابي الرئيس الأمريكي ونائبه في أول يوم اثنين في ديسمبر، وعليه تتضح هوية الرئيس الأمريكي ونائبه يوم 7/12/2020م، وقد يتساءل البعض بأن هوية الرئيس تتضح بعد انتخابات المجمع الانتخابي وهذا صحيح لكن هناك ما يعرف بالناخب الخائن الذي من الممكن أن يخون ناخبيه ويصوت للمرشح المنافس.
أما في حالة عدم حصول أي مرشح للرئاسة على أغلبية الأصوات في المجمع الانتخابي فيختار مجلس النواب الرئيس من بين ثلاثة مرشحين حاصلين على أعلى عدد من الأصوات، على أن تمثل كل ولاية بصوت واحد.
أما بالنسبة لنائب الرئيس فالمسألة تختلف، ففي حالة عدم حصوله على الأغلبية، يختاره مجلس الشيوخ من بين المرشحينِ الحاصلينِ على أعلى عدد من الأصوات.
ثانيًا: الانتخابات الأمريكية والقضية الفلسطينية.
لم يأت لـ"إسرائيل" رئيسًا في الولايات المتحدة مثل الرئيس دونالد ترامب، فهو صاحب صفقة القرن، وهو عراب ملف التطبيع، وهو من قام بخطوات عملية في شرعنة الاستيطان وتهويد القدس عبر نقل سفارة بلاده إليها.
رغم ما سبق فإن السياسة الخارجية الأمريكية ملامحها تجاه القضية الفلسطينية تكاد تكون ثابتة بين الديمقراطيين والجمهوريين.
أبرز ملامح السياسية الخارجية الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية:
1. الإدارات الأمريكية المتعاقبة هي إدارات متشابهة فيما بينها في التعاطي مع الملف الفلسطيني من حيث المضمون ومختلفة من حيث الشكل.
2. لم تكن الولايات المتحدة يومًا جادة في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، واستخدمت كل المبادرات التي كانت تقودها لكسب مزيد من الوقت لصالح "إسرائيل" لفرض وقائع جديدة على الأرض.
3. تنقسم محددات السياسة الخارجية الأمريكية إلى محددات داخلية وخارجية، فالمحددات الداخلية تضم كل من: الرأي العام، جماعات الضغط، الدين، بينما المحددات الخارجية تضم النفط -و"إسرائيل" كمحدد للسياسة الخارجية الأمريكية. وبعد اكتشاف النفط الصخري بوفرة في الولايات المتحدة والمكسيك، لم يعد النفط مرتكز رئيس في تحديد معالم وتوجهات السياسة الأمريكية تجاه المنطقة. في سياق تلك المحددات نستطيع أن نفهم موقع "إسرائيل" في السياسة الأمريكية ودور اللوبيات وجماعات الضغط في التأثير في صناعة القرار الأمريكي بما يخدم مصالحها، ولكن المسألة ليست على إطلاقها، فالوجود العربي والإسلامي وأحرار العالم أصبح له تأثير أيضًا على الرأي العام بما ينعكس ولو نسبيًا على اتجاهات القرار الأمريكي تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
لا أنكر أن الرغبة الفلسطينية في فوز المرشح الديمقراطي جون بايدن كبيرة جدًا، وأن تعويل الرئيس عباس على فوزه مرتبط بإحياء العملية السياسية القائمة على حل الدولتين من جديد، ولكن يبقى السؤال مفتوحًا إلى حين وضوح المشهد الأمريكي في السابع من ديسمبر ماذا جنى الفلسطينيون من المفاوضات كي يعول الرئيس عباس من جديد عليها؟ وهل ما زال حل الدولتين قائمًا في ظل التطورات على الأرض؟ وهل يفسد بايدن ما قام به ترامب من دوران عجلة التطبيع ومن تعزيز مكانة "إسرائيل" في المنطقة...؟ في تقديري لا، وعلى العكس قد يأخذ الفلسطينيون تجاه شرعنة ذلك عبر دوران عجلة المفاوضات بشكل متوازي مع عجلة التطبيع، وفرملة عجلة المصالحة الفلسطينية والانتخابات.