تزداد التقديرات العسكرية والأمنية الإسرائيلية مع مرور الوقت بشأن توتر ميداني قد يندلع في أي لحظة، حيث إن (إسرائيل) قد لا تجد نفسها متفاجئة على الحدود الجنوبية مع غزة، أو الشمالية مع لبنان، ما يستدعي من الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعدًا للحرب، رغم محادثات التهدئة مع حماس، مع أن المزاعم الإسرائيلية الأخيرة بشأن كشف النفق الأخير على حدود القطاع قد تؤدي لزيادة التوترات بين (إسرائيل) وحماس.
تتزامن التوترات الأمنية رغم أن (إسرائيل) تدعي رغبتها بالوصول لتسوية في غزة، لكن السؤال كالعادة سيكون عن الثمن، حيث تطالب حماس برفع الحصار، في حين تطالبها (إسرائيل) بالتخلي عن المقاومة، والجهود العسكرية.
من الناحية العملية، من الطبيعي أن تستعد حماس لأي مواجهة قد تندلع فجأة، وفي إسرائيل وجهت قيادتها السياسية الجيش للاستعداد لأي احتمال، خاصة مع إعلان قائده مؤخرًا أن القيادة الجنوبية للجيش ناضجة ومستعدة للغاية لعملية واسعة النطاق إذا لزم الأمر، لكن هذا البيان يتطلب تصريحًا ملزمًا بالنظر للأداء المتواضع للجيش بعدوانه الأخير على غزة.
واضح أن الهدف من أي حملة عسكرية إسرائيلية مزعومة لن يكون احتلال غزة، وهو هدف لا تقوى على دفع كلفته إسرائيل، بل القيام بعمليات عسكرية بحرية وجوية وبرية، بطريقة تضع المزيد من الصعوبات أمام قدرات حماس بالإضرار بكبار أعضائها، وتشكيلاتها، ومخازن أسلحتها، وذخيرتها، وأصولها الإستراتيجية، وإضافة لذلك يسعى الجيش للقيام بذلك بسرعة لتجنب حملة طويلة كما حصل في صيف 2014.
في الجنوب أمام حماس، وفي الشمال أمام حزب الله، تستمر التوترات لأكثر من 90 يومًا، ما يجعل إسرائيل على مسافة قصيرة من التصعيد العسكري، مع أن الإسرائيليين يحيون في هذه الأيام الذكرى السنوية الـ47 لحرب أكتوبر 1973، وهم يستمعون لتجارب قادة الحرب، وما واجهوه من مواجهة قاسية من الدبابات السورية والمصرية المعادية.
التقييم الإسرائيلي السائد أن ما قد تواجهه إسرائيل في المرحلة القادمة، بغض النظر عن الجبهة المتوقعة، هي حرب، حرب حقيقية، وفي الحرب هناك مهام يجب القيام بها، والاستعداد لها، في الحرب القادمة، سواء كانت على حدود غزة مع حماس، أو حدود لبنان مع حزب الله.
لا يُخفي الإسرائيليون قلقهم من أنه بدلاً من الأرتال المدرعة في مرتفعات الجولان السورية وصحراء سيناء المصرية، سيلتقي الجيش الإسرائيلي مع الكوماندوز الفلسطيني أو اللبناني، فوق الأرض وتحتها، في مناطق حضرية كثيفة من لبنان وغزة، وسيتم استبدال القوات الجوية المصرية والسورية بترسانة صواريخ هائلة لهاتين المنظمتين، ما يستدعي من الجيش الإسرائيلي أن يكون مستعدًا لكل احتمال، وسط جملة التهديدات المتزايدة.