فلسطين أون لاين

خلال ندوة نظمتها مؤسسة "بال ثينك"

توصية بإصلاح منظمة التحرير واعتماد استراتيجيات كفاحية متعددة

...
جانب من الندوة

أوصت شخصيات أكاديمية وأهلية بضرورة إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، واعتماد الشراكة الوطنية في اتخاذ القرارات المصيرية، وتوظيف استراتيجيات كفاحية متعددة الأبعاد من أجل مواجهات التحديات المتعددة أمام القضية الفلسطينية.

جاء ذلك، خلال ندوة سياسية، نظمتها مؤسسة "بال ثينك" للدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع مؤسسة “فريدريش ايبرت” الألمانية، وحملت عنوان "السياسات الفلسطينيّة للمرحلة المقبلة في ضوء التحديات الحاليّة".

واستضافت الندوة د. أحمد جميل عزم المستشار السياسي لرئيس الوزراء برام الله، ود. إبراهيم فريحات أستاذ النزاعات الدولية في معهد الدوحة للدراسات العليا، بالإضافة إلى نخبة من الخبراء والباحثين وممثلي مؤسسات المجتمع المدني.

وأوضح مدير مؤسسة “بال ثينك” عمر شعبان، أن الندوة الإلكترونية تهدف إلى تعميق النقاش الدائر حول التحديات التي تواجه المشروع الفلسطيني، والخروج بمقترحات لتقديمها أمام صنَّاع القرار.

وأثنى مدير برامج مؤسسة “فريدريش ايبرت” د. أسامة عنتر على الجهود التي تبذلها مؤسسة “بال ثينك” في إثارة النقاش السياسي والفكر البناء، وتشجيع ثقافة الحوار، وتقديم رؤى بحثية وفكرية وسياسية ناضجة.

مأزق كبير

ورأى عزم أن هناك تحديات جمة تواجه المشروع الوطني الفلسطيني تتمثل في غياب الرؤية الوطنية، والتطبيع العربي مع الاحتلال الإسرائيلي، وحالة التشتت والتشرذم في جغرافيا العالم (اللاجئين) التي يعاني منها الشعب الفلسطيني، بالإضافة إلى مشكلات سياسية واقتصادية وتعليمية.

وأكد عزم أن الخروج من المأزق الفلسطيني الحالي يكْمنُ في مفهوم “إعادة ضبط المصنع” لمنظمة التحرير بشكل يساهم في الحفاظ على المؤسسة مع ضرورة إصلاح الخلل فيها؛ لتتمكن من استعادة دورها الريادي والطليعي.

وذكر أنَّ المطلوب هو إصلاح وتفعيل منظمة التحرير ذات المكانة التاريخية والقانونية.

واستدرك: إن إصلاح المنظمة واستعادة دورها الريادي كإطار جامع للشتات الفلسطيني يتطلب العودة إلى نظام منظمة التحرير السابق أو إيجاد نظام داخلي جديد يستطيع من خلاله الكل الفلسطيني المشاركة في صناعة القرار.

ونوه الأكاديمي في جامعة بيرزيت إلى أن الذهاب لانتخابات مجلس وطني في ظل نظامه الحالي يعتريه العديد من الإشكاليات، أولها: النظام الانتخابي القائم على الانتخابات وفق “القائمة النسبية” الذي أُقِرَ عام 2018، مشيراً إلى أنَّ ذلك النظام يعيق جدوى ضخ دماء جديدة، ويعيق تفعيل وإصلاح المنظمة بالطريقة التي يمكن من خلالها مواجهة التحديات القائمة.

وشدد عزم على أن المطلوب هو توسيع المشاركة الشعبية والمهنية داخل المجلس الوطني مقابل تقليل مقاعد التنظيمات داخل المجلس الوطني.

ورأي أن العودة إلى النظام السابق لمنظمة التحرير يمكن أن يحقق الكثير من الإنجازات للمشروع الوطني، إذ يمكن أن يغير التركيبة العمرية داخل المجلس الوطني، ويرفد المنظمة بطاقات شبابية واعدة، وهو ما سيعمل على تغيير الثقل داخلها.

وقال عزم: إن الدعوة لانتخابات المجلس الوطني وإصلاح وتفعيل منظمة التحرير لا تعني أن الانتخابات التشريعية والرئاسية غير ضرورية، كون كثير من القضايا المجتمعية مثل الرواتب ووحدانية السلاح والضرائب لا يمكن تجاوزها سوى عبر تشريعات يقرها المجلس التشريعي.

ثلاث مشكلات

وأوضح فريحات أنَّ المشروع الوطني الفلسطيني يعاني من مأزق حقيقي؛ بسبب ثلاث مشكلات رئيسية وهي: (فقدان الرؤية، غياب الاستراتيجية، أزمة القيادة).

وذكر فريحات أن المشكلة الأولى تتمثل في غياب الرؤية، قائلاً: الفلسطينيون كانوا يملكون رؤية إبان (وعد بلفور) ورفضوا بعدها قرار التقسيم في العام 1947، وكانت هناك رؤية تمثلت بالمحافظة على كامل التراب الفلسطيني من النهر إلى البحر، والتدخل العسكري العربي منهجا لتحقيق ذلك.

وأشار فريحات إلى أنه خلال طرح البرنامج المرحلي عام 1947، حدث تحولٌ في الهدف، ولكن بقيت هناك رؤية تقول: إقامة الدولة على الجزء الذي يتم تحريره مع بقاء الكفاح المسلح الطريقة الوحيدة للتحرير.

وقال: "في عام 1993، وعلى الرغم من سوئه، إلا أن اتفاق (أوسلو) كان يمثل رؤيةً بغض النظر اتفقنا معها أم لم نتفق، وتنص على إقامة الدولة على حدود عام 1967، والمفاوضات طريقا للوصول إلى ذلك” وفق تعبيره.

وأضاف: “القاسم الأكبر بين الفلسطينيين أنَّ الجميع يعترف أن حل الدولتين لم يعد قائماً، ولكن في نفس الوقت لا أحد يستطيع تبني فكرة حل الدولة الواحدة، ولا أحد يستطيع الإجابة على سؤال ما هي الرؤية الحالية للنضال الفلسطيني؟ وماذا يريد الفلسطينيون أن يحققوا في تلك المرحلة؟!”.

وأشار فريحات إلى أن الخلاص من تلك المعضلة يتمثل في تبني الفصائل لبرنامج سياسي على اعتبار أن البرنامج هو الذي يشكل أرضية الانقسام السياسي، ويمكن الاتفاق على مقاومة ومواجهة نظام الأبارتايد الإسرائيلي.

وشدد على ضرورة استثمار المقاومة الشعبية بالتوازي مع المفاوضات؛ لتحصد ثمار العمل الكفاحي الشعبي، كما شدد على ضرورة استثمار كل فرد فلسطيني في أي مكان يتواجد فيه، (القانوني والإعلامي والدبلوماسي والطالب والعامل في جميع أماكن عمله، فلا بد أن يتحرك لدعم القضية الفلسطينيةَ".

ورأي أنَّ "أسلحة وساحات المعركة في عصرنا الحالي تغيرتْ، إذ لم تعد المعركة تدور في زقاق الشجاعية أو حواري جباليا أو شوارع مخيم الفوار في الخليل، وإنما الآن هناك ساحات جديدة مثل الساحات الدولية والأممية والجامعات في جميع دول العالم".

أما المشكلة الثالثة - من وجهة نظر فريحات - فتتمثل في "أزمة القيادة"، وقال إن "قادة الشعب الفلسطيني منقسمين، ولا يجمعهم حتى اللحظة أي إطار"، مشيراً إلى أن حل الضلع الثالث من أضلع الأزمة يتمثل بإعادة وإصلاح بناء منظمة التحرير من أجل تشكيل القياد المستقبلية.

ويعتقد فريحات أن التطبيع العربي - لم يشكل ضربة قاصمة للمشروع الوطني - كون الدول العربية المطبعة لم تكن تقدم دعما يقود إلى التحرير، مستذكرا أن الدعم العربي اقتصر على الدعم المالي والسياسي.

ودعا أستاذ النزاعات الدولية القيادات الفلسطينية إلى التفكير جيدا بالعمل في ساحات ومجالات أخرى وعدم فرض قطيعة مع الدول المطبعة؛ لكي لا تستفرد (إسرائيل) في  جميع الساحات والمجالات.

المصدر / فلسطين أون لاين