ما قام به مجلس السيادة السوداني المؤقت من السقوط في دائرة المطبعين مع دولة الاحتلال الصهيوني هو انقلاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى على إرادة الشعب السوداني الأصيل، الذي يرفض الاحتلال ويحب فلسطين وينتمي لقضية العرب والمسلمين الأولى، التي قدم دماءه الطاهرة دفاعًا عنها وما زال على استعداد لتقديم المزيد من التضحيات من أجل تحرير المسجد الأقصى، الشعب السوداني متدين وطيب الفطرة، لذا لا يمكن أن يسمح لهذه الحكومة التي لا تملك الشرعية بالذهاب به في متاهة يعلم عواقبها مسبقًا، فالموساد الصهيوني كان وما زال سببًا مباشرًا في تقسيم السودان ودعم الانفصاليين في الجنوب حتى قسم أكبر دولة عربية لإضعافها والانقضاض عليها، كما كان الصهاينة داعمًا رئيسًا لحركات التمرد والانفصال في دارفور، فضلًا عن الاعتداءات المتكررة على سيادة السودان بالاستهداف المباشر للمنشآت السودانية بوساطة طائرات الاحتلال الصهيونية، وليس أدل على ذلك ما خرج به نتنياهو متبجحًا بعد توقيع اتفاق التطبيع أنه ضرب مصنع الفتح السوداني في عام 2012م وغيره من الأهداف.
السؤال الذي نطرحه أمام هذا المشهد: ما الذي سيعود على السودان جراء هذا التوقيع؟، وهل سيستفيد السودان من فتح أراضيه للصهاينة والالتزام بشروطهم وشروط الأمريكان مقابل رفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب؟، لا شك وجدنا الإجابة سريعًا في تصريح الرئيس الأمريكي أن السودان سيتحمل دفع التعويضات للأمريكان الذين قتلوا في عمليات مسلحة سابقة، فضلًا عن السماح للسودان بالاقتراض من البنك الدولي الذي هو من أهم أدوات الاستعمار الحديث للسيطرة على الدول والتحكم بمقدراتها وثرواتها والتدخل في شئونها الداخلية.
فالهدف من وراء إدخال السودان مربع التطبيع إعادته إلى بيت الطاعة الصهيوأمريكي، وتحييده من دائرة الصراع مع الاحتلال، ليتحول إلى نظام يقمع حركات التحرر ويفتح أراضيه للصهاينة والأمريكان لينهبوا ما بقي من خيرات السودان، ليدفع المواطن السوداني ثمن ذلك بمزيد من المعاناة لتطول طوابير الوقود والخبز والغاز اليومية.