بث الاتفاق المؤقت لعلاج مرضى قطاع غزة في الخارج الذي أعلنه منسق الأمم المتحدة في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، التفاؤل في قلب المريضة إسلام عبد الله الذي عدَّته "نهاية لمعاناتها مع المرض".
لكن الأمر لم يدم طويلًا، فإسلام وآلاف المرضى أضحوا بحاجة ماسة للسفر لتلقي العلاج غير المتوفر في القطاع المحاصر إسرائيليًّا.
وتحرم سلطات الاحتلال آلاف المرضى من التنقل والسفر لتلقي العلاج في مستشفيات الضفة الغربية والقدس المحتلتين بحجة الفحص الأمني.
وكان ملادينوف، أعلن في وقت سابق، أنه تم الاتفاق على ترتيب مؤقت لعلاج مرضى غزة في الخارج.
وذكر أنه تم الاتفاق على ترتيب مؤقت لدعم المرضى الفلسطينيين ومرافقيهم من غزة للوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية خارج القطاع.
بارقة أمل
وباتت إسلام عبد الله تخشى حاليًّا من تدهور أوضاعها الصحية وتفشي مرض السرطان بجسدها نظرًا لعدم تمكنها من السفر لتلقي العلاج في مستشفيات الضفة الغربية.
وحرمت إسلام كغيرها من مئات المرضى من السفر لمستشفيات الضفة الغربية والداخل الفلسطيني المحتل عام 1948 من تلقي العلاج -غير المتوفر في القطاع- منذ بداية جائحة كورونا، وبحجة تحلل السلطة من الاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل).
وأصيبت إسلام (29 عامًا) بسرطان الثدي قبل عام، وتطور مرضها، ما دفعها إلى إجراء عملية لاستئصال الثدي في مجمع الشفاء الطبي في نيسان/ إبريل الماضي، وتطلب ذلك خضوعها للعلاج الإشعاعي في الضفة الغربية، لكن الظروف السائدة حالت دون سفرها بعد أن كان مقررًا لها بداية يوليو الماضي.
وخضعت المريضة لثماني جرعات علاج كيماوي، لمنع تفشي المرض والقضاء عليه، لكنها لم تستكمل رحلة علاجها بسبب جائحة كورونا ومماطلة الاحتلال للسماح لها بالوصول.
وذكرت إسلام لصحيفة "فلسطين" أن اتفاق "ملادينوف" كان بمنزلة بارقة أمل لها ولمرضى القطاع للوصول إلى مستشفيات الضفة الغربية لكن تعنت الاحتلال ما زال مستمرًّا من خلال رفض السماح للمرضى بمغادرة القطاع.
وأشارت إلى أن حالتها الصحية في خطر نظرًا لمنعها من السفر ولأن علاجها الإشعاعي الكيميائي أو الهرموني لا يتوفر في القطاع، وأن علاجها بالكامل مرتبط بسفرها إلى الخارج أو في مستشفيات خارجية متطورة لديها علاج لمرضى السرطان.
رفض إسرائيلي
ولا يختلف الحال كثيرًا عن الثلاثيني علي حنيدق، الذي فقد عينه اليسرى في سبتمبر 2019، والذي يعيش على المسكنات الطبية وبانتظار السماح له بالسفر للعلاج في الخارج في ظل عدم توفير العلاج اللازم له في القطاع.
وتقول زوجته إن زوجها فقد الرؤية في عينه اليسرى، وقد خضع لعمليتين جراحيتين داخل القطاع، الأولى بعد إصابته، والثانية قبل 8 أشهر تقريبًا، وتم خلالها سحب المياه من عينه، والعملية الثانية من أجل زراعة قرنية، في محاولة لتجنب استئصال العين المصابة بالكامل، ولمنع أن يؤثر ذلك في العين اليمنى السليمة.
لكن ما تخشاه العائلة التي تقطن في مدينة خان يونس جنوبي القطاع، وقع بالفعل، إذ بات "حنيدق" غير قادر على الإبصار بعينه اليمني وبات يشكو من آلام في العينين ما دفع العائلة طوال الفترة الماضية لإجراء تحويلة علاجية في مستشفيات الداخل المحتل إلا أنها صدمت بمنعه من السفر من قبل الاحتلال، وفق الزوجة.
ورغم الرفض الإسرائيلي من السفر حاولت العائلة، وفق ما قالته الزوجة لصحيفة "فلسطين" خمس مرات للحصول على تحويلة لكن جميعها رفضت من قبل (إسرائيل) ما دفعها للحصول على تحويلة للعلاج في المستشفيات المصرية، ولا تزال تنتظر فتح المعبر ليتم السماح له بالسفر.
وتناشد حنيدق منسق الأمم المتحدة وكل المعنيين لممارسة دورهم للسماح بفتح معبر رفح والخروج لإنقاذ زوجها.
اتفاق أممي
وأكد الباحث في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان عزام شعث، أن الاتفاق الأممي لدعم المرضى الفلسطينيين ومرافقيهم من قطاع غزة، للوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية خارج القطاع، يسير بالشكل البطيء.
وقال شعث لصحيفة "فلسطين": إن الاتفاق يخفف جزءًا من معاناة مرضى القطاع، ولكن لا يسد احتياجاتهم بالكامل، مؤكدًا أن عددًا كبيرًا من المرضى محرومين من السفر بسبب إجراءات الاحتلال المتخذة بحقهم.
وأضاف: أن منظمة الصحة العالمية تقوم بتسهيل تنقل المرضى ومرافقيهم خارج القطاع من أجل تلقي العلاج في مشافي الضفة الغربية أو الإسرائيلية، مشددًا لكن هذه التدخلات لا تسد حاجة المرضى بالكامل.
وبين أنه خلال شهري سبتمبر وأكتوبر الجاري سمح الاحتلال لنحو 95 مريضًا من الوصول إلى الداخل المحتل لتلقي العلاج اللازم وغير المتوفر في القطاع، في حين لا يزال نحو 8 آلاف مريضًا بحاجة للسفر لتلقى العلاج ومغادرة غزة عبر حاجز بيت حانون "إيرز" العسكري.
وأكد شعث أن سلطات الاحتلال قيدت طوال الأعوام الماضية ومنعًا المئات من المرضى لتلقي العلاج في الخارج دون إبداء أي أسباب ما انعكس بالسلب على حياة المرضى القطاع.