يجمع مواطنون فلسطينيون على أهمية الإضرابات الشعبية المدنية والتجارية كشكل من أشكال المقاومة في مواجهة اضطهادات الاحتلال.
وعمّ، أمس، الإضراب الشامل الضفة الغربية المحتلة تضامنا مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي لليوم الثاني عشر على التوالي.
وأغلقت المؤسسات العامة والمحال التجارية أبوابها كما تعطلت الدراسة في الجامعات والمدارس وتوقفت المواصلات العامة، واستثني من الإضراب الخدمات الصحية، فيما جابت شوارع المدن مسيرات شعبية.
يقول الناشط في قضايا الأسرى ثامر سباعنة، إن مظاهر الشلل الذي أصاب الحياة العامة "أحيت خيام التضامن مع الأسرى، في مراكز المدن المضربة عن الطعام".
ويضيف: "فلسطين أعلنت التمرد على الاحتلال في هذا اليوم، والإضراب هو بمثابة الخطوة الأولى للاشتباك ميدانياً في نقاط التماس مع الاحتلال".
ويشير إلى أن التجار كانوا في مقدمة الملتزمين بالإضراب، حيث أوصدوا أبواب محالهم التجارية "وفي ذلك رسالة للاحتلال بأن الحياة لن تكون عادية في ظل إضراب الأسرى ومعاناتهم".
دور تاريخي
ويؤكد رئيس الغرفة التجارية، لمحافظة قلقيلية طارق شاور، أن التزام التجار بالإضراب "كان ذاتياً وبدافع المساندة للأسرى"، مذكراً بالدور التاريخي للتجار الفلسطينيين في الدفاع عن فلسطين والأسرى "سواء بالالتزام بالإضراب أو من خلال مقاطعة منتجات الاحتلال، والعصيان المدني في الانتفاضة الاولى والامتناع عن التعامل مع مؤسسات الاحتلال مثل الضريبة".
ويخوض أكثر من 1580 أسير فلسطيني، إضرابا مفتوحاً عن الطعام، للمطالبة بتحسين ظروف سجنهم، وإنهاء سياسة الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي، وتحسين الظروف الطبية للأسرى، وإغلاق مستشفى سجن الرملة لعدم صلاحيته. ويمنع الاحتلال إلى الآن زيارة المحامين إلى السجون للاطمئنان على أوضاع الأسرى المضربين.
بدوره، يرى المحرر علي شواهنة من قرية كفر ثلث، أن الإضرابات المدنية والتجارية لها أهمية في تعزيز الوعي السياسي والثقافي بقضية الأسرى وإعلام الجمهور بمطالب الأسرى وما يتعرضون له من انتهاكات عنصرية.
وشواهنة تحرر قبل نحو عام من سجون الاحتلال بعد أسر دام أكثر من 12 عاما.
ويوضح أن التساؤلات تكثر لاسيما من الأطفال والفتية الذين يعاصرون مظاهر الانتفاضة الأولى، عن سبب تعطيل الحياة والإغلاقات التجارية، وواقع حياة الأسرى.
وتابع قائلاً: "الإضرابات لا تعني المساندة وإنما مشاركة الآلام كشعب واحد، ويشكل دعماً معنوياً لعائلات الأسرى التي ستستشعر المساندة الشعورية من خلال تعطيل مظاهر الحياة، ورافعة لمعركة أبنائهم الصعبة".
وعرفت فلسطين الإضراب الشامل في بداية الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 "احتجاجا على السياسات البريطانية الموالية للجماعات الصهيونية"، وكان نمطاً سائداً إبان انتفاضة الحجارة كشكل من أشكال العصيان والكفاح ضد عمليات القتل للشبان الفلسطينيين.
ويتفق الكاتب الصحفي نبهان خريشة، مع طرح شواهنة، مشيراً أن صورة شهدتها المدن الفلسطينية "قوية وحديدية"، وتحيل الذاكرة إلى أساليب نضال الشعب الفلسطيني الأعزل في انتفاضة الحجارة عام 1987.
ويوضح أن إضراب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال عن الطعام يثير من جديد قضية هامة لدى الرأي العام الفلسطيني لأهميتها وحساسيتها، في مسألة تحظى بإجماع شعبي وجماهيري.
ويقود "معركة الأمعاء الخاوية" مروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، المعتقل منذ 2002.
ويعتقل الاحتلال الإسرائيلي في سجونه أكثر من 6500 أسير فلسطيني، موزعين على 22 سجناً ومركز تحقيق، بينهم 6 آلاف من الضفة الغربية المحتلة، و330 من قطاع غزة، و29 أسيراً منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، و62 امرأة، ضمنهن 14 طفلة (دون 18 عاما)، و34 أسيراً من جنسيات عربية، بحسب إحصائيات رسمية.