فلسطين أون لاين

بين التطرف الفردي والتطرف الرسمي المضاد

جريمة قتل أستاذ الفن والعقوبات الجماعية الفرنسيّة..

على خلفية قتل أستاذ الفن الذي عرض على طلابه الصور المسيئة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، أقدمت السلطات الفرنسية على غلق العديد من المدارس والجمعيات والمراكز والمساجد، حيث تعلّم فيها ويتعلّم عشرات الألوف من أبناء المسلمين، اللغة العربية والقرآن الكريم..

وقد فقد عدد كبير من المعلمين والمعلمات وظائفهم في هذه المراكز، وضيقت السلطات الخناق على الجمعيات بأنواعها، وبدأت في حملة مراقبة غير مسبوقة لحساباتها، ومنع الأموال والتبرعات أو الحجر عليها، ومنع فتح حسابات مصرفية أصلا..

وقرّرت وزارة التعليم الفرنسية طباعة كتاب فيه جميع الصور والرسوم الساخرة التي سببت احتجاج المسلمين، وجميع أطفال فرنسا سيطلعون على تلك الرسوم على الورق هذا العام والأعوام التي تليها، إضافة لكونها أصلا متاحة في شبكة الانترنت. اثنا عشر مليون طفل فرنسي (12.000.000) سيجبرون على رؤية الرسوم الساخرة وتكون لهم الكتب المخصصة لذلك في رفوف مكتباتهم، فيها جميع الرسوم الساخرة بأنواعها..

وهذا يأتي في سياق إجراءات غير مسبوقة اتخذت وسوف تتخذ وتشرع قوانين مستغلّة هذا الفعل الذي صدر عن شاب شيشاني تصرّف بشكل فردي وعاطفي متهوّر.

بداية قطع راس الاستاذ جريمة بكل المقاييس ومتطرفة جدا الى درجة الجنون وهي غير مسؤولة ولا تمثل الاسلام ولا المسلمين بأي حال من الأحوال ولم يأخذ من فعل هذا إذنا من جهة تمثل المسلمين بوجه حق ومعتدل لا رسمية ولا غير رسمية، فلا يجوز أن تكون ردة الفعل على المسلمين كافة كنتيجة لفعل فردي مهما كان، وهذا ما يقال عندما يرتكب أحدهم جريمة متطرفة فلا يعقل أن نحاسب الفرنسيين على فعل فردي. في مثل هذه الحالة تخرج الينا الجهات الرسمية لتدين الفعل وتصفه بانه فعل فردي مجنون أما نحن فكل المسلمين ان يتحملوا مسئولية هذا الفعل ويُتهموا ويصبحوا مشاركين في الجريمة ، فرنسا بشكل رسمي تقوم بكل هذه الإجراءات التي تنضوي تحت عنوان عقوبات جماعية والتي يتضرر منها المعتدلون والمسالمون من المسلمين ما هو الا تطرف غير معقول وجنوني وكيل بمكيالين.

فالتطرف والعنف العنصري يجب إن يدانا من أي جهة كانت، اما أن يُردّ على التطرف الفردي العنصري بتطرف رسمي وعقوبات جماعية تطال حتى الذين يعارضون بشدّة مثل هذا التطرف؟؟؟ الان هم يعاقبون من يعارض هذه الجريمة من المسلمين ؟ أي جنون رسمي هذا ؟ هذا غير مستغرب أبدا فهذه هي طبيعتهم، فرنسا التي مارست الاستعمار وقتلت مليونين من الجزائريين وما زالت تحتفظ في متاحفها مئات الالوف من الجماجم ومارست الاستعمار على شعوب متعددة في اسيا وافريقيا وما زالت تؤيد التوحش الصهيوني فينا في كثير من المواقف وهي التي دعمت دولة الاحتلال في بناء مفاعلها النووي وكأنها تقيم مصنع ادوية انساني لعلاج المرضى والمكروبين ...

ثم الا يوجد احتمال طرف ثالث فعل او دفع من يفعل هذه الجريمة ليحصد كل هذه النتائج وهذا مليء في التاريخ المعاصر، اين احتمالية ان يقف خلف هذه من يستفيدون من اذكاء الصراع والتحريض على المسلمين ، نظرية من المستفيد ؟ هو من يقف خلف هذا الفعل .. الحركة الصهيونية والموساد الاسرائيلي معني جدا بضرب العلاقة الايجابية رغم اني ضد فكرة المؤامرة ومع البحث عن المعالجات الذاتية لبذور هذه الافعال التي حتما تضرّ بالمسلمين، لكن يبقى الاحتمال وارد.

وأرى أن على العلماء المسلمين أن يوضحوا ويعمّموا بشكل قاطع وحاسم بحيث يصل تعميمهم كلّ الشباب المسلم، وحبذا لو كان هذا جماعيا عن هيئات علماء ومرجعيات موثوقة من قبل المسلمين، بحيث يتناول الإجابة على ثلاثة أسئلة مركزية:

• من الذي عليه الرد حينما يُساء للإسلام ومن الذي يحدّد طريقة الردّ؟ هل المسألة مفتوحة للعواطف والمشاعر الملتهبة ولكل متحمّس للدين أن يفعل ما يشاء أم أن هناك مرجعيات دينية منوط بها أن تتصدّر الموقف وتردّ بما يمليه عليها الفهم القويم والرشيد للنصّ الديني المناسب؟ وبعد ذلك تنضبط الردود الفردية او الجماعية بهذا الموقف الذي يستنبطه اهل العلم والاختصاص والاجتهاد الشرعي على أصوله الصحيحة.

• هل النتائج المترتبة على الردّ تحدث معالجة للأمر أم أنها تحدث مفسدة ومنكرا أكبر من المراد الردّ عليه.

• وهذا يقودنا للسؤال الثالث: ما هي الطريقة الاحسن والتي تتجلّى فيها الحكمة والموعظة الحسنة والوصول الى أفضل النتائج الممكنة مراعية مقاصد الإسلام الأساسية في عرض الإسلام دين الرحمة للبشرية جمعاء:" وما ارسلناك الا رحمة للعالمين" ودين يحقق السعادة للناس. "ما انزلنا عليك القران لتشقى" وكذلك وضع الأقليات المسلمة في تلك البلاد وحالة الدعوة للإسلام واثر مثل هذه الحالات على تشكيل الصورة للمسلم وأثرها على الدعوة الإسلامية .. الخ.

لا تكفي ادانة هنا وهناك وتصريح مقتضب لمعالجة هذه الظاهرة بل لا بد من اعلان موقف جماعي لعلماء الامّة يمثّل الامة الإسلامية بفكرها النيّر وروحها العظيمة والصورة العامة التي تكلّلها رسالة الرحمة والسلم العالمي للناس أجمعين.