فلسطين أون لاين

أزمة مولدات الأحياء إلى أين؟ ومن المسؤول؟

منذ أن قصفت (إسرائيل) محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة منتصف عام 2006 بعد عملية أسر الجندي شاليط، يعاني قطاع غزة على مدار أكثر من 14 عاما انقطاعًا في التيار الكهربائي المستمر، ما زاد من معاناة المواطنين في قطاع غزة الاقتصادية والاجتماعية والصحية والنفسية.

قطع الكهرباء يوميًّا من 8 ساعات إلى 12 ساعة حسب حجم الأحمال والضغط على الشبكة، تسبب في أزمة طاحنة خانقة استنزفت أموال المواطنين في إيجاد حلول وبدائل للكهرباء، حيث إنَّ سكان قطاع غزة دفعوا ما يزيد على مليار ونصف المليار دولار خلال 14 عامًا لتوفير الطاقة البديلة للكهرباء ولفترات محدودة، مقابل أثمان مولدات ومحروقات وبطاريات وليدات وشواحن وطاقة شمسية، إضافة إلى المعاناة والذل، وهذا المبلغ كفيل ببناء أكثر من 5 محطات لتوليد الكهرباء بطاقة إنتاجية تتجاوز 1000 ميجاوات وهي ضعف احتياج قطاع غزة للطاقة الكهربائية.

ومع اشتداد الأزمة خلال الأعوام الأخيرة ظهرت ظاهرة جديدة تحت مسمى مولدات الأحياء، وانتشرت انتشارًا واسعًا في كل الأحياء السكنية والمناطق التجارية حيث إن هذه المولدات تقدم أسوأ نموذج لاستغلال حاجة الناس المتعطشين للكهرباء، فهناك نظامان لبيع الكهرباء المنتجة عبرها، إما بيعها بالكيلووات، ويتراوح ثمن الكيلو الواحد ما بين 3.5 إلى 4 شواقل مع تحديد أصحاب المولدات قيمة 50 شيقلًا كحد أدنى للاستهلاك الشهري، في حين أن ثمن الكيلو من شركة توزيع الكهرباء لا يزيد عن نصف شيكل للاشتراك المنزلي العادي وهذا يمثل سبعة أضعاف السعر الرسمي.

إن فوضى وعشوائية مولدات الأحياء يترتب عليهما العديد من الأمور، فإضافة إلى استغلال حاجة المواطنين للكهرباء وتحويل البعض لأزمة الكهرباء لمحاولة جمع المال وتحقيق الثراء، فإن الأمر لا يخلو من مخاطر كبيرة، خاصة أن تمديدات المولدات تسير وسط أحياء سكنية مكتظة بالسكان وبجانب المنازل والمحلات التجارية، وهي على الأغلب تتم دون اتخاذ إجراءات الأمن والسلامة وتعرّض حياة المواطنين للخطر، حيث من الممكن أن يصاب الأطفال بتماس كهربائي، أو في حال حدوث تماس ممكن أن تتسبب في اشتعال الحرائق.

ورغم من كل المخاطر فإنَّ حاجة المواطنين للكهرباء تجبرهم على شرائها بسبع أضعاف سعرها الرسمي وهذا يحملهم أعباء مالية كبيرة، خصوصًا للأسر الفقيرة ومتوسطة الدخل، ويعرضهم وعائلاتهم للخطر.

وهنا أتساءل: لماذا لا تتولى شركة توزيع الكهرباء هذه المهمة، عبر جلب مولدات كبيرة ووضعها قرب الأحياء، وضخ الكهرباء التي تولدها في الشبكة مباشرة أو بيعها للمواطنين بأسعار معقولة لتساهم في التخفيف من معاناتهم، وفي حال كانت هذه المولدات اضطرارية وسمح لهؤلاء المستثمرين بالعمل بها، يجب أن يتم ذلك تحت إشرافها، وهي من ينظم التمديدات والوصلات، ويجبر أصحاب المولدات على اتخاذ تدابير السلامة اللازمة، وأن يتم تحديد ثمن الكيلووات أو الأمبير، وألا يترك الأمر وفق مزاجات وأهواء أصحاب المولدات.

لقد تفاقمت أزمة مولدات الأحياء خلال الفترة الأخيرة وذلك بعد تحديد سعر الكيلووات بمبلغ 2.5 شيقل من سلطة الطاقة، حيث لاقى هذا القرار اعتراضًا من أصحاب المولدات وتفاقمت الأزمة حيث تم إيقاف تشغيل المولدات لعدة فترات للاعتراض على القرار، وهذا تسبب لزيادة المعاناة للمواطنين خصوصا ممن يسكنون بالأبراج.

وهنا أقترح بأن يتم اعتماد الكيلو بسعر 3 شواقل كحل وسط على أن يتم إجراء دراسة موسعة حول التكلفة الفعلية للكيلو خلال الفترة القادمة وتخفيض قيمة الضرائب التي تُجبى من أصحاب المولدات.