فلسطين أون لاين

كايد الفران "يلتقط رزقه" من بين "الخردة"

...
غزة-مريم الشوبكي:

يجلس كايد الفران على كرسي خشبي مهترئ في محل لا تتعدى مساحته الأربعة أمتار بمدينة غزة، ممسكًا بمفك يحاول إصلاح "طنجرة" كهرباء معطلة، في كل زاوية من المحل وعلى بابه أيضًا علَّق أدوات وألعابًا من الخردة في انتظار تصليحها أو استخدام قطعها لإعادة تشغيل أخرى.

الثلاثيني "الفران" واحد من الغزيين الذين يكافحون لسد رمق الحياة في ظل الحصار المزمن الذي يشدده الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 14 سنة، وزادت وطأته جائحة كورونا.

منذ أن كان في عمر الثانية عشرة انهمك في ميدان العمل من النجارة إلى الحدادة إلى أن استقر في العمل بائعًا في كافتيريا، قبل فرض الإغلاق بسبب "كورونا" حيث توقف عن العمل.

يقول لصحيفة "فلسطين": " كورونا قضت على أي أمل لدي في إيجاد عمل، ضاق بي الحال فوجدت نفسي في الشارع حتى سخَّر لي الله بعض الأشخاص ساعدوني في دفع الإيجار لثلاثة أشهر، واستمررت في السعي لإيجاد عمل".

قطع حديثه طفل جاء بـ"سكوتر" أصاب عجله عطل عرضه على الفران لشرائه بـ10 شواقل ولكنه رفض استمرار في التفاوض على السعر حتى رضخ الصبي على بيعه بخمسة شواقل.

بيع الخردة لم يكن يومًا عملًا يحترفه الفران، ولكنه أرغم عليه بعد أن لف على كعب قدميه طالبا العمل ولو ببضعة شواقل في اليوم ولكن دون جدوى، فازداد الضغط عليه لا سيما أنه يعيش في بيت بالإيجار ويدفع 400 شيقل شهريًّا.

وقصة المحل الذي "يلتقط به رزقه"، تعود إلى أن صاحب هذا المحل الذي يستأجره أصلًا، عرض على الفران بأن يؤجره له بمبلغ 150 شيقلًا شهريًّا، وافق وهو لا يعرف ماذا سيفعل به، ولكنه تمسك بالفرصة لعلها تفتح له بابًا للرزق.

يردف: "لم أكتشف أنني قادر على إصلاح ما يعطل من أدوات كهربائية وغيرها في بيتي، وكنت في الماضي أستعين بصاحب الخبرة مقابل مبلغ من المال، ولكني مع التجربة والخطأ والبحث في مواقع الإنترنت أصبحت قادرًا على اكتشاف أي عطل".

يضيف الفران: "مع اغلاق السوق بسبب جائحة كورونا، تراجع دخلي وانقطع في بعض الأيام، لذا قررت أن أفتح المحل ولو ساعة يوميا وأنقل بعض الأدوات الكهربائية المراوح أو محضرات الطعام لتصليحها في البيت، لإلحاح الناس علي بالإسراع في إصلاحها".

وأخيرا خففت الوزارات المختصة في غزة القيود المفروضة على الحركة بسبب كورونا، وفق تقييم مستمر للحالة الوبائية.

عن كيفية تعلمه إصلاح الخردة والأدوات الكهربائية، يبين الفران أنه فك وأعاد تركيب مثيلاتها في بيته كالخلاط الكهربائي مثلا، أما المراوح فتعلم كيفية اصلاحها بمتابعة مقاطع فيديو تعليمية على يوتيوب، وألعاب الأطفال يفكك الخردة لديه ويعيد تجميعها، وبذلك تكونت لديه خلفية كبيرة عن كيفية فحص واصلاح ما يقع بين يديه.

ويوضح أن جائحة كورونا أثرت عليه وأزمت وضعه الاقتصادي "الصعب للغاية"، قائلا: "سابقا كنت أضمن 15 شيقلا يوميا، اليوم أضطر لإصلاح أو بيع بعض القطع بثمن بخس ربما بسعر التكلفة حتى أنفق على أطفالي وشراء طعام لهم، حيث أعيش يوما بيوم".

استسلم الفران في يوم من الأيام "لحالة اليأس" كما يصفها، التي عاشها بسبب الحصار والأوضاع الاقتصادية، لكن ربما كان أفضل حالا من غيره في البحث عن طريقة يكسب منها بعض المال لكف يده عن سؤال الغير.

وحلّ في 17 أكتوبر/تشرين الأول اليوم الدولي للقضاء على الفقر، بينما كانت بيانات رسمية أشارت في 2019 إلى أن 33.8 بالمئة من سكان قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر المدقع، وأن نسبتي الفقر والبطالة في غزة وصلتا، خلال العام المذكور، إلى75%.