عندما كنا داخل سجون الاحتلال الصهيوني في أثناء الانتفاضة الأولى لم يكن يخطر ببال أحد من المعتقلين أنه يمكن أن يأتي اليوم الذي تفتح فيه أبواب السجن رغمًا عن إرادة المحتل، ليخرج أصحاب المؤبدات والأحكام العالية، بل كان ضباط الشاباك يتبجحون داخل أقبية التحقيق ويقولون للمعتقلين: "إن أمركم بيدنا ولا تستطيع قوة في الأرض أن تخرجكم من السجن"، في محاولة للنيل من إرادة المعتقل وتحطيم معنوياته للحصول على اعترافات يمكن من طريقها أن يسجل ضابط الشاباك إنجازًا يفخر به بين أقرانه ويرتقي أمام رؤسائه، وكم من حالات الصمود الأسطورية للمجاهدين والمناضلين الفلسطينيين الذين حطموا إرادة السجان واستطاعوا أن يهزموا ضباط الشاباك، في ملاحم سيسجلها التاريخ بمداد من ذهب!
وتمضي الأيام سريعًا لتستطيع كتائب القسام ورفاقها في أجنحة المقاومة أسر الجندي شاليط من على ظهر دبابته، بعد عدة محاولات للكتائب قدمت خلالها خيرة مجاهديها لإطلاق سراح أسرانا، لتثبت للجميع أنها لم تتخلَّ ولن تتخلى عن الأسرى والمعتقلين، وأنها تصل الليل بالنهار من أجل أن ينال آخر معتقل حريته.
لتأتي معركة من نوع آخر، وهي معركة الاحتفاظ بهذا الجندي داخل القطاع سنوات عديدة حاول المحتل خلالها الوصول إليه أو تحريره بمختلف سبل الأمنية والاستخبارية وصولًا إلى شن عدوان بربري على أهلنا في القطاع، إلا أنه كان يجر أذيال الخيبة والفشل في كل مرة ليرضخ أخيرًا لشروط المقاومة ويطلق سراح أكثر من ألف من أسرانا، في عملية قال عنها الخبراء إنها سجلت نجاحًا وأضافت رصيدًا للمقاومة من ناحية، ومرغت أنف المحتل في التراب وألحقت به هزيمة نكراء ستلاحقه سنوات عديدة.
لا شك أن شعبنا ينتظر صفقة وفاء أحرار (اثنان)، كما أن أسرانا باتوا يعدون أيامهم داخل "باستيلات" الاحتلال، بعدما استطاعت المقاوم أسر المزيد من الجنود الصهاينة والاحتفاظ بهم سنوات فاقت المدة التي مكث فيها شاليط بيدها، لتقول للعالم إن قضية أسرانا العادلة لا يمكن التخلي عنها بعدما أدار العالم ظهره أمام صلف المحتل وفرضه قوانين جائرة بحق أسرانا، فضلًا عن المحاكم الصورية التي تتعارض مع المواثيق الدولية، وليس أدل على ذلك من الاعتقال الإداري الذي استحدثه المحتل ليعاقب أسرانا دون لائحة اتهام صريحة، وقانون تامير الذي تتعامل به المحاكم الصهيونية ويسمح للقاضي بإدانة المعتقل والحكم عليه دون اعتراف، وغيرهما من الانتهاكات اليومية بحق أسرانا.
ومن هنا نقول: ثقتنا بمقاومتنا كبيرة، وننتظر اليوم الذي يتنفس فيه أسرانا حريتهم التي فقدوها ليعيش شعبنا بحرية وكرامة.