لم تدخر سلطات الاحتلال الإسرائيلي منذ احتلالها كامل مدينة القدس المحتلة عام 1967م، جهدًا، للسيطرة عليها وتغيير معالمها العربية والإسلامية، فلجأت إلى تغيير أسماء الأماكن العربية إلى العبرية في محاولة منها لتثبيت وجودها "المزيف" في المكان المقدس.
وبات باب العامود - أحد أشهر أبواب القدس القديمة ويسمى باب دمشق - سببا لإزعاج للاحتلال بمستوياته الرسمية والمستوطنين، بفعل زيادة العمليات الفدائية التي تطال الجنود في هذه المنطقة، ما دفعهم للانتقام من المكان بوضع لافتة عند مدخله بهدف تغيير واقعه.
وقامت طواقم بلدية الاحتلال، أمس، بوضع يافطة عند مدخل باب العامود في القدس، تحمل أسماء مجندتين ممن قتلتا في عمليتين بالمكان.
وعلقت بلدية الاحتلال يافطة حملت اسم مدرج "هدار كوهين وهداس ملكا" وهنّ من أفراد "حرس الحدود" علمًا أنهما قتلتا في عمليتين عامي 2016 و2017، بعد ارتكابهم جرائم عدة بحق المقدسيين والمصلين.
وأوضح المختص في شؤون القدس والأقصى رائد دعنا، أن الهدف الذي تسعى من خلاله بلدية الاحتلال هو طمس وتزييف التاريخ من خلال تهويد الأسماء العربية.
واعتبر دعنا في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن وضع يافطة تحمل أسماء مجندتين ممن قتلتا في عمليتين في المكان، عند مدخل باب العامود في القدس، لن يكون له تأثير على تاريخ باب العامود المعروف على مدار التاريخ.
وذكر أن مخطط تغيير الأسماء يجري على قدم وساق في المدينة المقدسة منذ عام 1948م، مشيرًا إلى أن الاحتلال لا يغير الأسماء فقط بل يعمل من أجل تدمير المكان وتغيير واقعه وصبغه بالصبغة الإسرائيلية.
ولفت دعنا إلى أن الاحتلال يحاول من خلال تلك المسميات العبرية رفع معنويات جنوده وجمهور المستوطنين.
وقال: "مهما غير وبدل الاحتلال وحاول إلصاق أسماء جنوده الذين يرتكبون الجرائم صباح مساء بحق الفلسطينيين في المنطقة فلن يغيروا من واقع المدينة والمكان المقدسة وهويته العربية والإسلامية".
وأكد المختص في شؤون القدس أن قوات الاحتلال أعدمت عشرات الفلسطينيين في منطقة باب العامود دون أية ذنب ارتكبوه ولمجرد الاشتباه بهم، مشددًا "نحن أصحاب المكان والأولى أن نضع أسماء شهدائنا فيه فالاحتلال إلى زوال".
تطور خطير
واعتبر مدير مركز القدس الدولي د. حسن خاطر، أن الخطوة الإسلائيلية في منطقة باب العمود، تطور خطير، ومحاولة لتهويد الأسماء والمعالم الدينة في المدينة المقدسة.
وأكد خاطر لصحيفة "فلسطين" أن الاحتلال يحاول جاهدا استغلال الأحداث الأمنية لترسيخ وجوده في المكان، مشددًا أن الاحتلال يحاول تشويه التاريخ وطمس الأسماء الحقيقية وربطها بكل سهولة بأسماء "مجندتين لا قيمة لهما ولا وزن لا على المستوى التاريخي".
وقال: إن الاحتلال يحاول جاهدًا تغيير الأسماء والمعلومات والدلالات الخاصة بالمعالم التاريخية في ظل صمت دولي مطبق، داعيًا العالم العربي والإسلامي لوقفة جدية توقف جرائم الاحتلال في المنطقة.
وبين أن الاحتلال غير المئات من الأسماء والشوارع والحارات والأزقة العربية واستبدلها بمسميات عبرية، مضيفًا: "رصدنا تغيير نحو 20 ألف معلم ديني وتاريخي واستبدلها من مسماها الكنعاني إلى اللغة العبرية".
وجدد التأكيد أن الاحتلال يعمل جاهدًا لتغيير الجغرافيا والتاريخ والهوية الفلسطينية من خلال تزييف معلومات المدينة المقدسة بأسماء لا تمت للواقع بصلة كي يكتمل مشهد التزوير والسطو الحضاري على المكان.
وحث مدير مركز القدس الدولي على ضرورة مواجهة محاولات الاحتلال لتزييف الثقافة والتاريخ العربي الإسلامية، مؤكدًا أن الاحتلال يشن معركة ضد الهوية والتاريخ والجغرافيا.
ودعا السلطة الفلسطينية وأحرار وشرفاء العالم لممارسة دورهم في مواجهة تزييف التاريخ والثقافة العربية بالمدينة المقدسية، وانشاء مؤسسة خاصة لحماية التاريخ وكشف محاولات الاحتلال لتزييف التاريخ تضم في طياتها كوادر فلسطينيين ومقدسيين ومسلمين من مختلف دول العالم لمواجهة التزوير والدفاع عن الحق التاريخي بالقدس.
وكانت عائلات إسرائيلية وجمعيات استيطانية قد توجهوا عام 2017 برسائل رسمية إلى رئيس بلدية الاحتلال الأسبق، نير بركات، طالبته من خلالها إلغاء اسم السلطان سليمان عن الشارع الرئيسي المتاخم لباب العامود بالقدس القديمة واستبداله باسم المجندة الإسرائيلية "هداس ملكا" التي قتلت بعمليتي إطلاق نار وطعن نفذها ثلاثة شبان من قرية دير أبو مشعل غرب مدينة رام الله.
كما طالبت كذلك بإعادة تسمية شوارع شرقي القدس بأسماء جديدة تحمل "أسماء إسرائيليين قتلوا على أيدي فلسطينيين".
وفي عام 2017، قامت سلطات الاحتلال بوضع يافطة تحمل اسم "شارع البطلات" في منطقة شارع السلطان سليمان عند مدخل باب العامود في القدس المحتلة.
وتتعرض مدينة القدس المحتلة وأحيائها لهجمة إسرائيلية شرسة تستهدف استكمال تنفيذ مخططات التهويد والتهجير وسرقة المزيد من أراضي وأحياء القدس لتنفيذ المشاريع الاستيطانية وتفريغ مدينة القدس من سكانها الأصليين وتغير معالمها وخارطتها الجغرافية.

