فلسطين أون لاين

على خلفية إضراب ماهر الأخرس.. أين الفصائل في فعاليات التضامن؟!

شهدت ساحة المنارة وسط مدينة رام الله قبل يومين فعالية تضامنية مع ماهر الأخرس الذي بلغ إضرابه المفتوح عن الطعام ثمانين يومًا، واضح أن هذه الفعالية (التي دعا إليها تجمع أسر الشهداء) كانت بتجمع مقبول حسب ما كانت عليه الأمور قبل التوجه الأخير للعمل الميداني المشترك الذي اتفقت عليه الفصائل، أمّا بعده فإنها لم تكن بالحجم المطلوب! ولو ذهبنا للبعد الأهم في الموضوع وهو أن معتقلًا قد بلغ حافة الموت وقد وصل إضرابه إلى ثمانين يومًا وهو مع الموضوع الذي يضرب على خلفيَّته وهو الاعتقال الإداري وتوحش الاحتلال فينا بهذا الإجرام المفتوح فإن حجم هذه الفعاليّة في هذه الوقفة كان متواضعًا جدًّا.

أين زخم فتح وحماس وقد كانت فرصة لهما لعمل ميدانيّ مشترك يوجهان من خلاله عدة رسائل ويرسمان المشهد معا بصورة مختلفة عمّا قبل؟

لو تخيّلناه أن مهرجانًا انتخابيًّا تنافسيًّا فإن فتح وحماس ستحضران كل حافلات البلد وستنقلان بالمجان آلاف المناصرين، لن تتسع المنارة حينها وستظهر تجلياتها بكلّ ما أوتيت من قوة وعزم، ستأتي كل واحدة بقضّها وقضيضها، برجالها ونسائها وأطفالها، ستعمّم أن من كثّر سواد قوم حُشر معهم، وأن هذه معركة حاسمة فاصلة لن تقوم لنا بعدها قائمة إن لم نحشد كلّ حشودنا، وإنها لثورة حتى النصر وجهاد نصر أو استشهاد، وأن هذا المهرجان تعبير عن الانتماء الحقيقي الصادق وكلّ من لا يثبت انتماءه بحضوره فإنه متقاعس متخاذل خارج عن الصفّ منبطح قد خان المبادئ الثورية وخرج عن الجماعة وعصى الله ورسوله وتولّى عن الزحف يوم الزحف الأكبر وتخلّف عن ذروة سنام الدين والثورة.

ستخرج أدبيات فتح وحماس كلّ ما لديها، وستشهر كل سيوفها وتطلق كلّ رصاصها على الذين لا يشاركون في هذه المعركة، فمهرجان إثبات الحضور والغلبة والنصرة لا تحتمل التخاذل والغياب، لن يسمح الفصيل الأكبر الذي يعتبر نفسه العمود الفقري أو الحركة الأمّ أن يظهر بمظهر فصيل صغير ليقال عنه إنه جاء بـ"حمولة بكاب" كما يقال عن الفصائل الصغيرة، بسرعة البرق أو سرعة انتشار الخبر في مواقع التواصل الإلكترونية ستعمّم على عناصرها ومناصريها وكلّ من لفّ حولها من قريب أو بعيد وستقدّم الخدمات اللوجستية كاملة لتلتقط كلّ ناوٍ أو متردّد، من عقر بيته أو المقهى أو المسجد وتأتي به قبل الموعد المحدد إلى ساحة العرض والمنافسة، ستموج المنارة موجًا من كثرة الوافدين وستأتي القيادات قبل الأفراد وسيتسابق بعضها حيث كاميرات الإعلام والمقابلات الساخنة، عندئذ سيكون يومًا مشهودًا قد حققت كبرى الفصائل ذاتها وأثبتت وزنها ورفعت من شأن حضورها في الشارع الفلسطيني العريق والممهور بكل ذي شأن عتيد.

ماهر الأخرس بإضرابه بلغ الثمانين يومًا وكل الفصائل وقادتهم يدركون تمامًا ماذا يعني هذا الرقم لأنهم كلهم قد مرّوا في السجون وخاضوا إضرابات مفتوحة، ومعظمهم أيضا قد ذاق الأمرّين من الاعتقال الإداري ويدركون كم هو عقوبة قاسية وكم هي سلطات الاحتلال مجرمة وهي تصرّ على هذا الإجرام، ويدركون أيضا أن لديهم فرصة ذهبية لفضح الاحتلال وحشره في الزاوية المقيتة ورميه بحجارتنا كتلك التي يضرب بها إبليس يوم الحج الأكبر، فرصة لإخراج قوة الشارع الفلسطيني في مواجهة هذا الأسلوب الاحتلالي السادي الفجّ.

وكما أنه أيضا فرصة ذهبية لممارسة العمل الجماهيري المشترك بعد فترة غياب طويلة واسترداد ثقة الشارع الذي أثقلت كاهله تداعيات الانقسام المشؤوم وكل المحاولات الفاشلة في رأب الصدع.

أقول: لم تضِع الفرصة بعد بالكامل مثل ضياعها قبل يومين، ما زالت هناك إرادة وما زال هناك أمل خاصة بعد ما قيل عن لجنة المقاومة الشعبية المشتركة فهل تنتبه قبل أن يسبقها الشارع خاصة إذا خرج لنا ماهر الأخرس شهيدا، نريده حيّا ونريد لفصائلنا أن تثبت حياة الشارع من جديد.