انشغال الساحة الفلسطينية بدعم إضراب الأسرى ومساندتهم، ودعوة قادة فتح للتفرغ حتى انتصار أسرانا في سجون الاحتلال لم يمنعا بعضهم من تكثيف التهديدات لحركة حماس في غزة، وهذا شيء مستغرب.
وأنا أستمع إلى تصريحات الإخوة في حركة فتح وجدت أيضًا تباينًا في طريقة تعاطيهم مع مسألة إنهاء الانقسام، فمنهم من يتحدث بلغة لا حدة فيها ويمكن البناء عليها، ومنهم من يتحدث بلغة التهديد التي تزيد الطين بلة وتوتر الأوضاع، إذا كان المقصود "إجبار" حماس على إنهاء الانقسام _هذا إن كانت ترفض أصلًا_ يجب ألا تكون الطريقة خطأ، وتؤدي إلى نتيجة عكسية، مثل: تكريس الانقسام وفصل غزة عن الضفة نهائيًّا.
تردد فتح ومعها بعض الفصائل أنها وافقت على المبادرة القطرية، ولكن حماس مازالت رافضة لها، وأنا هنا لن أستشهد بما قاله قادة حماس لأبين أن فتح ترفضها وغير موافقة عليها، ولن أنتظر الجانب القطري ليبين ذلك، ولكن تصريحات فتح تؤكد أنها ترفضها، والدليل قولهم إنهم يريدون حكومة وحدة وطنية تلتزم ببرنامج منظمة التحرير، فهل اتفاقية القاهرة نصت على ذلك؟! أم أن إعلان الدوحة أو الشاطئ نصا على ذلك؟! لا يوجد أي اتفاق بين فتح وحماس ينص على أن برنامج منظمة التحرير هو برنامج أي حكومة فلسطينية متوافق عليها بين فتح وحماس وباقي الفصائل.
حركة حماس _من وجهة نظري_ تفتقد بعض المرونة في التعاطي مع حركة فتح في هذه الأزمة تحديدًا، تمسكها بتطبيق الاتفاقات لا غبار عليه ولا ملامة عليها في ذلك، ولكن السياسة تتطلب أحيانًا تقديم تنازلات لا تتعارض مع المبادئ أو الثوابت، ولذلك أعجب لماذا هذا الإصرار على عدم إعلان حل اللجنة الإدارية، التي شكلتها منذ مدة طويلة، وليس حديثًا كما توحي تصريحات بعضهم، الأوضاع في غزة تذهب من سيئ إلى أسوأ، ولن يضر حماس لو أنها أصدرت بيانًا رسميًّا بحل اللجنة، وموافقتها على خطة الرئيس، وكما قلت سابقًا على أساس تطبيق ما اتفق عليه، ومن حق حماس أن تعارض أي مخالفة تقوم بها الحكومة، ولكن يجب سحب الذرائع الممكن سحبها، وتجنيب قطاع غزة المزيد من المعاناة التي قد تصل _لا قدر الله_ إلى اندلاع مواجهة جديدة مع المحتل الإسرائيلي.