فلسطين أون لاين

مزارعو المناطق الحدودية.. بـ"شُجيراتهم" يواجهون جرافات المحتل!

...
غزة/ صفاء عاشور:

منذ الانتفاضة الثانية على مدار ما يقرب من 20 عامًا، لم يتوانَ جنود الاحتلال الإسرائيلي الموجودون بالقرب من السياج الفاصل على طول المناطق الشرقية لقطاع غزة، عن التنغيص على المزارعين لتهجيرهم واقتلاعهم من أرضهم.

فما بين التهديدات بالقتل بإطلاق النار المباشر، وتجريف الأراضي الزراعية، ورش المزروعات بالمبيدات، وتدمير البنية التحتية الزراعية من طرق وآبار وغيرها، الكثير من الأساليب التي ما فتئ الاحتلال يستخدمها ليخرج المزارع من أرضه ويتركها دون عودة.

 

تمسك بالأرض

المزارع خالد قديح (35 عامًا) من محافظة خان يونس جنوبي قطاع غزة، يمتلك هو وعائلته أراضي زراعية شرق المحافظة في منطقة خزاعة وعبسان، وعلى مدار العشرين عامًا الماضية، لم تتوقف خسائرهم التي يتسبب بها الاحتلال؛ بسبب تدمير أراضيهم الزراعية، وفي كل مرة يعودون لزراعتها.

يقول قديح لصحيفة "فلسطين": "أعمل في الزراعة مع والدي مذ كان عمري عشر سنوات، وكبرت وأنا مرتبط بهذه المهنة التي علمتني قيمة الأرض، حتى في أسوأ الظروف وأصعبها يبقى موضوع التخلي عنها أمرًا غير وارد بتاتًا".

ويضيف أن الاحتلال يتفنن في كيفية تدمير أعمال المزارعين والتنغيص عليهم بإلحاق الخسائر البشرية والمادية والاقتصادية بحقهم، فعلى مدار السنوات الماضية تعرضت الأرض التي أقوم بزراعتها لشتى أنواع الانتهاكات من جنوده.

ويشير إلى أنه تعرض لإطلاق النار، وتجريف الأرض، ورش المزروعات بالمبيدات الحشرية لتدميرها، وهو ما تسبب بخسائر مالية كبيرة له، مستدركًا: "لكن بعد كل جولة تدمير أعود لتهيئة الأرض لزراعتها من جديد".

ويؤكد أنه وهو وغيره من المزارعين ملتزمون قرار عدم زراعة الأراضي القريبة من السياج بالأشجار والمحاصيل المرتفعة، وأن كل ما يتم زراعته هو محاصيل ورقية أو خضراوات لا ترتفع عن سطح الأرض إلا قليلًا.

ويشدد على أنه لا يوجد أي حجة لدى جنود الاحتلال لتدمير وتجريف جهود المزارعين سوى أنهم يريدون إجبارهم على ترك أرضهم، وهو ما لا يمكن أن يحصل، لافتًا إلى أن المزارع لا يمتلك في حياته سوى هذه الأرض ولا مجال لتركها والموت جوعًا.

 

تدمير ممنهج

أما المزارع إسماعيل أبو طعيمة، فكان من المزارعين الذين تعرضوا لتجريف أراضيهم في الأسبوع الماضي، وذلك بعد جرفت جرافات الاحتلال 10 دونمات من أرضه التي لا يوجد فيها إلا محاصيل البقدونس والبندورة والباذنجان.

ويقول أبو طعيمة لـ"فلسطين" إن أرضه بعيدة عن السياج الفاصل بما يزيد على 100 متر، وهي المساحة التي فرض الاحتلال على المزارعين الابتعاد عنها وعدم زراعتها، إلا أنه تفاجأ بتجريف 10 دونمات من أرضه دون سبب.

ويضيف: "لا يوجد في أرضي أي شيء يُشكل خطرًا على جنود الاحتلال، إلا أن جرافاتهم دخلت الأرض وتوغلت ودمرت كل ما هو مزروع على مساحة عشر دونمات دون تبرير هذا التصرف".

ويلفت إلى أنه هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها جنود الاحتلال بتجريف وتدمير أرضه الزراعية، حيث تعرضت على مدار عامي 2006- 2007 لأكثر من مرة لعمليات التجريف وكذلك الأمر في 2014 خلال العدوان الواسع الأخير على غزة.

ويؤكد أنه سيعود لتهيئة أرضه لزراعتها على حسابه الخاص، "فلا مجال لتركها هكذا دون زراعة، خاصة أن لديَّ ما يزيد على 15 عاملًا يعيشون من وراء العمل فيها، هي و90 دونمًا أخرى".

 

سياسة متعمدة

المتحدث باسم وزارة الزراعة بغزة، م. أدهم البسيوني يؤكد أن الاحتلال يتعمد تجريف أراضي المزارعين المحاذية للسياج لحرمانهم من الاستفادة منها، وفرض سياسة ممنهجة لتهجيرهم منها.

ويقول البسيوني لـ"فلسطين"، إن آخر هذه الانتهاكات كان تجريف آليات الاحتلال صباح الثلاثاء الماضي، أجزاء من أراضي المواطنين المحاذية للسياج الفاصل شرقي محافظة خان يونس، موضحًا أن الأراضي الزراعية في المنطقة الشرقية على طول القطاع، تتعرض دائمًا للانتهاكات، وعمليات التجريف والتدمير، إضافة إلى إطلاق النار على المزارعين لمنعهم من الوصول إليها.

وأكد أن محاولات الاحتلال لتهجير المزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم الزراعية دائمًا ما تبوء بالفشل لعدة عوامل، أولها: ارتباط المزارع بأرضه واعتبارها أساس بقائه على هذه الحياة، وثانيها: أنه في ظل الظروف الحالية تبقى الأرض هي مصدر الزرق الوحيد للفلاح الفلسطيني، وضمان وجوده فيها يعني استمرار عيشه بكرامة خاصة أنه لا يوجد أمامه أي خيارات بديلة.

ويشير البسيوني إلى أن العامل الثالث هو التكاتف المجتمعي والحكومي الذي يسعى جاهدًا لإعادة تأهيل ما دمرته آليات الاحتلال، الذي تجاوزت قيمته على مدار السنوات الماضية مئات ملايين الدولارات.

المصدر / فلسطين أون لاين