قدمت في مقال الأمس تصحيحًا لمعادلة بندر بن سلطان التي اتخذها منطلقا لمهاجمة الفلسطينيين، تحت مظلة مهاجمة القيادات الفلسطينية عبر تاريخ القضية. معادلته قالت : قضية عادلة ومحامون فاشلون، وجاء التصحيح بمعادلة: قضية عادلة وحكام، ملوك ورؤساء فاشلون. واليوم أسأل لماذا هاجم بندر الفلسطينيين الآن في ثلاث حلقات بثتها فضائية العربية؟! وهل أخذ ضوءا أخضر من قيادة المملكة لهذا الهجوم؟! وهل الهجوم هذا جاء دفاعا عن الإمارات في تطبيعها العلاقة مع إسرائيل؟! أم هو يهدف إلى تمهيد الأرض السعودية نحو التطبيع القادم؟!
ما أقوله في الإجابات إنه لا هجوم أميري على الفلسطينيين بدون ضوء أخضر من قيادة المملكة، ولا هجوم من الصحافة السعودية، والفضائيات السعودية إلا بضوء أخضر، وجاءت الآن لأن العلاقة السعودية الفلسطينية تعيش مرحلة فتور، وتتجه نحو أزمة على غرار الأزمة مع الإمارات، لأن ما طرحته قيادة المملكة في مسألة صفقة القرن، والتطبيع رفضته القيادة الفلسطينية، الأمر الذي فسرته قيادة المملكة بالتمرد عليها والخروج على طوعها.
صائب عريقات رفض تصريحات بندر، وطالبه بالبعد عن الشتائم، وحذر الفلسطينيين من الرد والمساس بالقيادة السعودية. ونحن نؤيد معادلة عريقات، فللملكة أيادٍ بيضاء على فلسطين، والشعب السعودي شعب طيب ومتدين، ويرفض التطبيع، واتهام بندر للفلسطينيين ببيع أرضهم، هو ترديد لاتهامات باطلة أغلق التاريخ أبوابها بما ذكره المؤرخون من إحصاءات تبين كذب هذه التهمة.
ربما أدرك بندر أنه تجاوز حدود المنطق والعقل، وأنه أساء للشعب الفلسطيني كما أساء للقيادات الفلسطينية، فكتب على حسابه في الإعلام الجديد ما يؤكد احترامه للشعب الفلسطيني، الذي كان أول المتضررين من قيادته. هذا الاستدراك لا قيمة له فإنه بعد اختراق الرصاصة جسد الضحية، يكون الاعتذار عنها لا قيمة له، فالإصابة قد حدثت وانتهى الأمر؟!.
أعود وأقول: القيادات الفلسطينية ليست معصومة، ولا هي فوق النقد، وحصاد هذه القيادات لم يحقق التحرير، ولا إزالة العدوان، ولا قيام الدولة الفلسطينية، ولم نقترب من أهدافنا رغم التضحيات الكبيرة التي دفعها الشعب، وهذا يرجع لخلل في قياداتنا أولًا، ولخلل أكبر في القيادات العربية، التي لم تعمل للتحرير، ولم تقدم دعمًا حقيقيا للمقاومة ، بل حاصرتها، واستخدمت القضية الفلسطينية لتصحيح علاقاتها مع أميركا، واستخدمت القضية جملة دعائية لمصالحها القطرية ثانيا.
فلسطين لم تجد دولة داعمة كما وجد اليهود في بريطانيا دولة داعمة، ثم وجدوها في أميركا بعد تراجع دور بريطانيا العالمي في إقامة دولتهم، وبناء قدراتهم الكبيرة . لم تكن الدول العربية منفردة أو مجتمعة داعمة للفلسطينيين وقضيتهم كما كانت بريطانيا وأميركا. وحين ترفع الدول العربية يدها المعيقة ستنجح القيادات الفلسطينية في التقدم الحقيقي نحو الأهداف الفلسطينية؟! قادة العرب تخلّوا عن فلسطين بعيد النكبة مباشرة، وواصلوا هذا التخلي الذي تحول إلى اعتراف وتطبيع؟!