فلسطين أون لاين

أُونروا وغزة وكورونا

عنوان المقال يتضمن ثلاثة مسمياتٍ مختلفة: الأول اسم لمؤسسةٍ دوليةٍ (أونروا) تُعنى بشئون اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيش جزء منهم في الثانية (غزة)، التي هي منطقة جغرافية ومحاصرة منذ 14 عامًا، ويقطنها مليونا نسمة، أكثر من 80 % منهم "لاجئون"، التي دخلها  الثالث (فيروس كورونا)، فأدخلها في متاهة جديدة.

المتتبع فكرة ميلاد "أونروا" يجد أنها وُلدت خصيصى من أجل توفير مقومات الحياة الكريمة للاجئين الفلسطينيين حتى حل القضية الفلسطينية، فنجحت وفشلت.

فيروس كورونا أثر على كل الدنيا، وأوقف عجلة الحياة في الدول العظمى، فبكت واشتكت، فما بالكم بغزة التي  تبكي وتشكي منذ 14 عامًا ولا تملك نفطًا ولا مالًا ولا حياة لمن تنادي؟!

منذ أزمة كورونا تعطلت مظاهر الحياة بغزة، ومن ضمن من تعطلت مصالحهم "اللاجئون" الذين يستفيدون استفادة مباشرة أو غير مباشرة من خدماتها، فالموظفون جلسوا في بيوتهم ورواتبهم مضمونة، وتحدث "الطنطنة" بين الفينة والأُخرى بأنهم قد لا يتلقون رواتبهم، وهذه الفئة ليست هي المشكلة بقدر الذين يعملون على نظام المياومة في قطاع الصحة والتعليم وعمال النظافة (صناع الجمال) وهذا كدّس النفايات في المخيمات، وزاد عجز موظفي البطالة عن تلبية احتياجاتهم الشرائية.

مع ظهور حالات كورونا في غزة دخلت جميع المؤسسات في حالة إرباك نتيجة ضبابية المشهد، تمثل في تعدد الخطط وتغيرها بسرعة، ومنها "أونروا"، وبدا ذلك في طريقة تعاطيها مع توزيع المساعدات التموينية، فأساءت تنفيذ الواجب، وانعكس هذا السوء على اللاجئين وولّد سخطًا وامتعاضًا لديهم، هذه أوجهه:

تأخر في توزيع المساعدات مع بدء فرض حالة حظر التجول.

عدم مضاعفة المساعدات لنفس الأُسر المستفيدة أو إضافة أُسر جديدة.

تنوعت وسائل "أونروا" في توزيع المساعدات ما بين إيصالها إلى البيوت لمستحقيها وتوزيعها في المخيمات، وهذه الطريقة الثانية أهانت وأظهرت اللاجئ متسولًا.

وسأذكر مثلًا على تقاعس "أونروا" عن القيام بواجباتها خاصة في مجال النظافة، الذي هو مهم جدًّا مع الحديث عن ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية والعامة، هو أن "تجمع مبادري رفح" نظم حملة تنظيف لأحد مخيمات رفح "الشابورة" الذي تكدست فيه القمامة نتيجة تأخر "أونروا" عن تنظيفه لأنها سرحت العديد من عمال النظافة.

كورونا لم تخلق أزمة كما باقي الدول، كورونا ضاعفت الأزمات، فغزة المحاصرة منذ 14 عامًا زادت فيها البطالة، ونسبة الفقر ارتفعت، واللاجئون الذين يعملون في مهن يعتاشون يوميًّا من مردودها، دخلوا في أزمة نقص المقومات الأساسية للحياة من مواد غذائية، وتأخرت برامج التشغيل الموقت التي توفرها "أونروا"، أيضًا القمامة تحتاج لعدد إضافي من "صناع الجمال" وبدل أن تضاعف "أونروا" أعدادهم، قلصت العدد بحجة أنها تعاني أزمة مالية خانقة.

ما تشتكيه الوكالة كل مدة أنها تعاني نقصًا في الموارد المالية سينعكس على مستوى خدماتها للاجئين، ليس مشكلة اللاجئ، هي مشكلة "أونروا" وعليها تحمل المسؤولية والبحث عن ضمان مالي ووفرة مالية تضمن لها تقديم خدماتها، بل زيادة خدماتها للاجئين كمًّا ونوعًا، بزيادة عدد الأسر التي ستستفيد من المساعدات وبناء مدارس جديدة ومؤسسات صحية، ولما كانت أزمة كورونا قد تطول فالمطلوب من الوكالة توفير أجهزة ذكية للأطفال كي يواصلوا المسيرة التعلمية وفق التعليم الإلكتروني، وزيادة المساعدات التموينية وعدد الأسر التي دخلت تحت خط الفقر لبرامج مساعداتها.

 

على "أونروا" أن تقوم بواجبها على أكمل وجه لمساعدة غزة لكونها ضمن اختصاصها الإنساني على الخروج من هذه الأزمة، لأن هذه الأوقات من أقسى وأصعب الأوقات التي يعيشها قطاعنا الحبيب، وهي تعادل وقت الحرب العسكرية بل أشد، وإلا فإنها (أونروا) مساهمة في جريمة التصفية والإلغاء.