قائمة الموقع

بـ "أكرم".. الأسير أمجد حامد ينتصر على "المؤبد"

2020-10-06T10:18:00+03:00

وضعت الممرضة المولود الذي يفتح روزنامة يومه الأول على الحياة بين ذراعي أمه؛ كانت عطشى لهذه اللحظة التي تروي شوقها، تحتضنه وتضمه إليها كما تضم أمٌ ابنًا غائبًا عنها سنين في الغربة، قطرات الماء تسقط من عينيها واحدة تلو الأخرى رغما عنها، ترنو إلى السجن، تتمنى لو كان في المشهد والده يقف ويناغشه، لكن لا بأس؛ فقد كان "أكرم" أجمل هدية تهون عليها مرارة الغياب.

للحظات خيم الهدوء على المكان.. ما زالت دموع الفرح من عيني روان حامد؛ حينما وضعت مولودها "أكرم" تلك النطفة التي هربها زوجها الأسير أمجد حامد المحكوم بالمؤبد من قلب السجن، لم يلبث الصمت كثيرا قبل أن تدوي الزغاريد في غرفة المشفى التي تضج بالحاضرين من العائلتين ومسؤولين رفيعي المقامات؛ مع أصوات بكاء الطفل الأولى، شاركوها عزف ترانيم الفرح على لحن ونشوة "الانتصار" على "الحكم المؤبد".

رسالة للاحتلال

تتزاحم كل عبارات الفرحة بين كلماتها، وكأن الفرح ضيف غاب كثيرا عنها لم تخفه في حديثها مع صحيفة "فلسطين" على الجانب الآخر من الهاتف: "منذ أربع سنوات، ونحن نحاول تهريب النطفة، واجهتنا صعوبات، ومخاطرة وعقبات، لكن كانت الأمور ميسرة وأجرينا عملية زراعة تكللت بالنجاح (...) لكن تبقى الغصة أن أي أم تحب أن يكون الأب موجودا بقربها، فتتغلب على أشياء عديدة، لكن الأهل لم يقصروا وكانوا بقربنا على الدوام".

شعورك الآن؟ .."للحظة تجد المشاعر قد تزاحمت بين الفرح والحزن، لأنه في نفس الوقت حدث شيء جديد، وقدم شقيق لأطفالي مجد (ثمانية أعوام)، وتولين (6 أعوام).

يبتسم صوتها: "إننا اليوم نوصل رسالة للاحتلال أنه مهما كان الحكم مؤبدا، فهناك نعمة بأن ينجب وهو خلف القضبان، وسنستثمر هذه النعمة ونكمل حياتنا طبيعية".

في السابع من يوليو/ تموز 2015م، أسرت قوات الاحتلال أمجد حامد، متهمة إياه بتنفيذ عملية مقاومة ضد جنوده: " عندما سجن الاحتلال زوجي، منعت من زيارته، فكنت أرسل أبنائي لزيارة والدهم مع أقاربي، وخلال الخمس سنوات لم أره إلا عدة مرات ولدقائق معدودات".

ما زال مشهد زيارتها الأولى حاضرًا، لم تنسَ تلك اللحظات: "زرته في المرة الأولى بعد ستة أشهر من اعتقاله، طفلتي تولين للوهلة الأولى لم تتعرف إلى والدها، فالأطفال افتقدوا والدهم، نسير مع الوجع على الوجع للدوران مع عجلة الحياة، فلدينا إيمان أن الفرج قريب، وأن هذا الشيء محكوم به الشعب الفلسطيني".

فرحة الأسير حامد بقدوم مولوده، عمت السجن؛ وفتح باب الفرح المغلق داخله وقد هلت نسائم الفرح بقدوم "أكرم" الذي أكرم به في عملية تصنف أنها "معجزة" نظرا لإحكام الاحتلال إغلاق السجن، وتفتيش كل وارد وصادر من وإلى الأسرى، ومراقبة كل شيء، فأن تنجح بإخراج أي شيء فهذا انتصار، فكيف إن توج الانتصار بمولود؟ يكره الاحتلال هذه المراسم.

طوال خمس سنوات من اعتقاله (تقول زوجته) تعرض الأسير حامد للقمع والتعذيب، فقد مكث في التحقيق 57 يوما، ذاق شتى "أنواع العذاب" حتى ضوء الشمس حجب عنه.

والأسير أمجد حامد يعمل موظفا بالمحكمة الشرعية في بلدة "سلواد" قضاء رام الله، انتقل للعمل في ديوان قاضي القضاة برام الله، عاد إلى الضفة الغربية قبل تسع سنوات قادما من الولايات المتحدة الأمريكية.

الحاضر الغائب

"نفتقده في كل شيء في حياتنا اليومية، المناسبات التي تمر، في لمات العائلة لكن في النهاية هذا قدر مكتوب" .. ولعل أكثر ما يشغل بالها في هذا الروتين اليومي سؤال اطفالها لها: "متى بابا بده يروح؟ هي الأسرى بروحوا ليش بابا لأ؟" في لحظة تغيب كل أبجديات الرد لديها، وتتبعثر روحها، فكيف ستوضح لهم أن والدهم محكوم بالسجن المؤبد.

جلسة الحكم، كانت أصعب لحظة تمر على زوجته: "كنت ذاهبة إلى المحكمة لحضور الجلسة الأخيرة، خاصة أنني لم أترك أي جلسة إلا وحضرتها على مدار عامين ونصف العام، دخلت باب المحكمة وأخذوا وثيقتي الشخصية، ولم يبق إلا المرور داخل الشباك، إلا أن مجندة الاحتلال وبعدما دققت في صورة الهوية، نظرت إلي بتعجرف قائلة: "ممنوع تدخلي"، وخرجت أترقب الحكم، رغم أن المحامي هيأنا له (...) فيما بعد عرفت من المحامي أن الحكم مؤبد، وكانت لحظات صعبة، إلا أني لا أعتبره مؤبدا ولدي أمل أن غيابه لن يطول".

والمولود أكرم هو الطفل الواحد والثمانون من المواليد بنطف مهربة، حيث ولد أول طفل عام 2012، وفق د.مي كيلة وزيرة الصحة في حكومة د.محمد اشتية.

اخبار ذات صلة