فلسطين أون لاين

ذكرى انتفاضة الأقصى تحيي لدى الإسرائيليين مشاعر الخوف

يشكل مرور عشرين عاما على اندلاع انتفاضة الأقصى، وما تخللته من أعمال مقاومة، وهجمات صعبة، ومفاوضات فاشلة، وإخفاق إسرائيلي كبير غير صورتها، مناسبة للاستماع لقادة جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية، وهم يقدمون آراءهم وتقييماتهم لأحداثها.

أسفرت الانتفاضة عن سقوط أكثر من ألف قتيل إسرائيلي وأربعة آلاف شهيد فلسطيني، وأياما إسرائيلية سوداء من الهجمات، والخوف في الشوارع، اتخذت منعطفا دراماتيكيا في آذار 2002، في عملية السور الواقي.

يستخلص الإسرائيليون من تجربة الانتفاضة دروسا، من بينها أنه حين تخوض "إسرائيل" حروبا ضد التنظيمات المسلحة ذات النموذج العصابي، وجدت حالة من عدم اليقين، لأنها لا تعرف بأي منزل يختبئ المسلحون بين خمسة ملايين فلسطيني، والتعامل مع مقاوم بعيد المنال بمنطقة مأهولة بات أكثر صعوبة، حتى جاءت عملية السور الواقي، لتشكل قرارا دراماتيكيا، لأنه محا اتفاق أوسلو، ووضع السلطة الفلسطينية تحت سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي.

مع أن هناك، حتى اللحظة، وبعد عقدين من الزمن، تبايناً إسرائيليا حول توقيت ودوافع اندلاع الانتفاضة، لاسيما وأن الأمن الإسرائيلي أصدر قبيل اشتعالها تقييما استخباراتيا حدد فيه استعدادات الجيش لعام 2000، وظهر من المعطيات أن فرصة اندلاع انتفاضة ثانية، لن تشبه الأولى، ستكون انتفاضة نار ورصاص ومتفجرات، دون الحديث عن عمليات استشهادية بعد.

حينها قرر جيش الاحتلال زيادة استعداده للتصعيد، لأنه كان واضحا أن الانتفاضة ستأتي بثمن باهظ، وستحاول كسر وتقويض القدرة على تماسك المجتمع الإسرائيلي، وحين اقتحم شارون الحرم القدسي، لم يعد من الممكن إيقاف عجلة الأحداث، لأننا كنا في نهاية القصة، وجاء الدرس الرئيسي لـ"إسرائيل" أن "قتل" الفلسطينيين في الحرم القدسي ليس كالقتل بمكان آخر، لأنه المكان الديني الأكثر دفئا للمسلمين.

في أول اجتماع للجنة الخارجية والأمن في الكنيست بعد اندلاع الانتفاضة على الفور، سئل الجيش عن التقدير الزمني للأحداث، فأجاب أن "الأمر قد يستغرق ست سنوات، لأننا لم نبدأ السور الواقي باكرا"، التي كانت تعني من الناحية العملياتية والعسكرية أن يدخل جنود الاحتلال 15 مخيما للاجئين و8 مدن فلسطينية، لمواجهة البنية التحتية المسلحة، واعتقال مخططي العمليات الفدائية.

شكلت عملية السور الواقي حدثا استراتيجيا من نواح كثيرة، حتى قبل إطلاق الرصاصة الأولى، جند الجيش 28 ألفا من جنود الاحتياط، وسارت العملية سريعة وعدوانية، وشهدت المعركة البطولية في جنين، التي قُتل فيها 23 جنديا، وأدركت "إسرائيل" حينها أنها في ورطة، لم ترض عن أداء جيشها، بدا الوضع بطيئا للغاية، ومن أجل ذلك دفعت عددا ليس قليلا من القتلى، لأن جنين حينها عرفت المقاومة الأشد، طوال فترة العملية التي استمرت شهرا ونصف، احتل فيها الجيش كامل الضفة الغربية.