ماذا تعني: "العودة التدريجية للحياة الطبيعية في غزة"؟! بادئ ذي بدء يجدر حذف عبارة الحياة الطبيعية، ووضع مكانها العودة إلى بعض الأنشطة الحياتية اليومية تحت سيف الضرورة، لأن المسافة بين العودة هذه والعودة إلى الحياة الطبيعية ما زالت مبكرة، بل مبكرة جدًّا. أنْ تعود الحياة في غزة إلى ما كانت عليه قبل انتشار الفيروس أمر يحتاج لوقت أطول، فلم تعد الحياة الطبيعية إلى عادتها في أكثر البلاد تقدمًا وثقافة، وما زالت أنشطة الحياة عندهم تجري تحت ظل الرقابة الصحية والتزام مقتضيات الوقاية من الفيروس.
إذًا غزة تعود إلى ممارسة أنشطة الحياة الضرورية، وليست الطبيعية، تحت شروط الوقاية الصحية، ومنها الكمامة والتباعد الجسدي واستخدم المعقمات، والحجر الذاتي لمن يشعر بأعراض ارتفاع الحرارة. هذه الشروط عبرت عنها وزارة الأوقاف بغزة حيث قررت إعادة فتح المساجد لصلاة الجماعة في رفح وخان يونس والوسطى فقط، وطالبت المصلين بالتزام شروط الوقاية الصحية بدقة، مع بيان أن المساجد التي لا يلتزم المصلون فيها شروط الوقاية سيتم إغلاقها من جديد.
ويؤكد هذه الحالة التي تحكمها الضرورة لا الطبيعية، منع الجهات المسؤولة صالات الأفراح، والمقاهي، ومتنزهات شارع البحر، والحذر مع التدرج في عودة المدارس والجامعات. إذًا غزة تريد أن (تمتحن فكرة التعايش) مع الفيروس، لذا قررت العودة شبه الطبيعية في المناطق الأقل انتشارًا للفيروس حيث استثنت محافظتي غزة والشمال من فتح المساجد، لارتفاع نسبة الإصابات اليومية فيهما.
إذًا، أخي المواطن، نحن لا نعود الآن للحياة الطبيعية، فلا تغتر وتهمل، وتعرض نفسك للمرض، وخذ بالحذر والوقاية، واحفظ نفسك وأهلك وأحبابك، ومارس عملك وتجارتك، وغيرهما، متمسكًا بالوقاية الصحية اللازمة، ولا تنسى مقولة الحكماء: الوقاية خير من العلاج.
غزة بمؤسساتها المختلفة، وغزة بواقع حياة سكانها، مضطرة للعودة إلى ممارسة بعض أنشطة الحياة اليومية من الصباح وحتى الثامنة مساء، تحت ظل المتابعة اليومية لحالات انتشار الفيروس، وحتى لا تحدث انتكاسة، أو عودة للإغلاق المشدد نحن في حاجة ذاتية للتمسك بتعاليم الوقاية الصحية المعلنة.
ولا تنسوا أن رئيس أكبر دولة متقدمة في المجال الصحي هو الآن رهن الحجر والرعاية الصحية وحالته لا تستجيب للعالج، فكيف يكون الأمر في بلادنا التي تعاني نقصًا خطرًا في أدوات العلاج. لذا نحن نتوكل على الله ونعود متدرجين، ومع التوكل يجدر بنا الأخذ بالأسباب.