في السنوات الأولى للانقسام الداخلي لم يكن مقبولا من الفصائل الفلسطينية استغلال الحالة لاستمالة الجماهير على حساب فتح وحماس بالادعاء أن الحركتين أساءتا للشعب، فكيف سيكون الأمر مقبولا بعد مضي قرابة 13 عاما واقتراب الحركتين من تحقيق المصالحة؟
إن مطالبة حركة فتح وحماس بالاعتذار للشعب الفلسطيني عما جرى من انقسام غير لائق بل ومعيب أيضا، الأصل أن نعمل جميعا على طي تلك الصفحة السوداء وعدم إثارة ما يعكر الأجواء إن كانت هناك نوايا صادقة لدعم المصالحة والوحدة الداخلية، ونؤكد بأن الجماهير لن تنفض من حول حماس أو فتح للارتماء في حضن سين أو جيم من الفصائل، فهذا وهم ووساوس شياطين لا بد من التخلص منها.
حسب رؤيتي لمسار جهود المصالحة فهي تسير لصالح فصائل منظمة التحرير وخاصة تلك التي تخشى على نفسها الاندثار، ويكفي أن يعترف السيد جبريل الرجوب أن اكبر انجاز تحقق هو تثبيت مبدأ النسبية الكاملة في الانتخابات وإجراؤها بالتتالي وليس بالتوازي، فالنسبية الكاملة كانت أهم مطلب للفصائل الصغيرة ولولاها فلن يكون لها حظ في الانتخابات القادمة، وكذلك هي لصالح حركة فتح وباقي الفصائل سوى حماس، لأن الانتخابات التشريعية الأخيرة أثبتت أن الانتخابات الفردية لم تخدم الا حماس لأسباب لا تخفى على احد، كما ان نظام النسبية الكاملة يحفظ حصص الأحزاب الصغيرة فلا داعي لاتهام حماس وفتح بتقاسم "الكعكة" وبالمحاصصة والثنائية وخاصة ان التطمينات لا تتوقف من جانب فتح وحماس بأنه لن يكون هناك مصالحة ووحدة وطنية بدون حوار شامل مع كافة الفصائل.
والأهم من كل ما ذكرت سابقا انه لا يجوز لفصيل فلسطيني وقف الى جانب طرف ضد طرف طيلة هذه السنوات ثم يحاول الادعاء بأنه ليس طرفا في الانقسام، ربما لم يكن طرفا في الاقتتال ولكنه طرف أصيل في الانقسام، بل وطرف أصيل في كل أخطاء منظمة التحرير وعلى رأسها اتفاقية أوسلو، فإن كان هناك لزوم للاعتذار فهو مطلوب من فصائل منظمة التحرير لان اتفاقية أوسلو وما نتج عنها تم باسم المنظمة وليس فقط باسم حركة فتح، ولا يجوز التنصل من اتفاقات وقعتها المنظمة لمن انتفع من مخصصاتها المالية ومناصبها السياسية والقيادية والوظيفية وغيرها، ولكن المصالحة تجب ما قبلها ودعونا نفتح صفحة جديدة بقيادة جديدة للمجلس التشريعي والرئاسة وبمنظمة تحرير توافقية لا مكان فيها للتنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا.